ولزم المترجم شيخه العلامة محى الدين محمَّد بن سليم الكافيجى أربع عشرة سنة، وكتب له إجازة عظيمة، بعد أن قرأ عليه شرح القواعد له وأشياء من مختصراته، وسمع عليه من الكشاف وحواشيه، والمغنى، وتوضيح صدر الشريعة، والتلويح للتفتازانى، وتفسير البيضاوى، وغير ذلك من فنون التفسير والأصول والعربية والمعانى وما عداها.
وحضر عند الشيخ العلامة محقق الديار المصرية سيف الدين الحنفى دروسًا عديدة في الكشاف، والتوضيح وحاشيته عليه، وتلخيص المفتاح والعضد، وقرأ على قاضى القضاة العز أحمد بن إبراهيم الكتانى قطعة من جمع الجوامع لابن السبكي، وقطعة من نظم مختصر ابن الحاجب وشرحه، وكلاهما من تأليفه، وقرأ في المبيعات على الشيخ مجد الدين إسماعيل بن السباع وعلى الشيخ عز الدين عبد العزيز بن محمَّد الميقاتى، وقرأ في الطب على محمَّد بن إبراهيم الودانى، قدم عليهم القاهرة من الروم، وحضر عند الشيخ نصر الدين بن أبي بكر بن شادى الحصكفى دروسًا كثيرة، وقرأ على الشيخ شمس الدين البابى دروسًا من المنهاج في كتب الخراج إلى باب الجزية، وشيئا من البهجة.
وشرع في التصنيف في سنة ست وستين وثمانمائة، وبلغت مؤلفاته إلى حين وضع كتاب حسن المحاضرة ثلاثمائة كتاب، واشتهرت مصنفاته وسافر إلى بلاد الشام والحجاز واليمن والهند والمغرب والتكرور.
وقد أفتى السيوطي في مستهل سنة إحدى وسبعين وثمانمائة، وعقد إملاء الحديث من مستهل سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، ورزق التبحر في سبعة علوم هي: التفسير والحديث، والفقه، والنحو، والمعانى، والبيان، والبديع على طريقة العرب والبلغاء، لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة. ودون هذه السبعة في المعرفة لدى العلامة السيوطي أصول الفقه، والجدل، والتصريف، ودونها الإنشاء، والترسل، والفرائض، ودونها القراءات، ودونها الطب.