الغرائز. فذهب ابن وهب إلى أنه ذكاة، وذهب ابن القاسم إلى أنه ليس بذكاة. واختلفوا في قطع الأرجل والأجنحة، فذهب ابن القاسم إلى أن ذلك ذكاة، وذهب أشهب إلى أنه غير ذكاة، لأن الجراد قد يعيش مع ذلك وينسل. اختلفوا في طرحه في الماء البارد، فذهب ابن القاسم إلى أنه ذكاة، وذهب سحنون إلى أنه لا يكون ذكاة. ولم يختلف من رأى الذكاة فيه أن كل فعل يموت منه معجلًا، أنه ذكاة كقطع الرؤوس، أو نقر الجراد بالشوك، أو طرحه في الماء الحار والنار وما أشبه ذلك. فإذا فعل به هذا لم يكن داخلًا في عموم الآية باتفاق وغير ذلك من الأفعال. فمن لم يره ذكاة رأى عموم الآية منسحبًا عليه فحرمه، ومن رآه ذكاة لم ير عموم الآية منسحبًا عليه فأحله لأنه مذكى. وقوله تعالى:{إنما حرم عليكم الميتة والدم}[البقرة: ١٧٣] عين الميتة لا يتصف بالتحريم وإنما يحرم فعل ما يتعلق بالعين ويبقى النظر في ذلك الفعل ما هو؟ هل مسها؟ أو أكلها؟ أو النظر إليها؟ أو منعها؟ أو الانتفاع بها؟ فمن الناس من ذهب إلى أنه مجمل لتردده بين هذه الأشياء، ومنهم من قال: عرف الاستعمال لهذا اللفظ قد قام مقام النص لأنه من قيل له: حرم عليك الطعام والشراب، فبالعرف يعرف أنه أراد اللبس، وهذا صريح مقطوع به عندهم فلا يصح أن يكون مجملًا، والقول بالعموم باطل لأن العموم إنما هو من حكم اللفظ. والعموم المدعى في هذا إنما هو في المقتضى أعني اللقظ المضمر المقدر، وإذا كان لم يلفظ به فكيف يكون عامًا؟ ولأجل هذه الاحتمالات المتقدمة في اللفظ، مع ما ورد في ذلك من الأحاديث،