أن الدباغ مؤثر في جواز الانتفاع على أنه يؤثر في انتساب الطهارة الكاملة سوى مالك، فعنه مثل ذلك، وعنه إنما يؤثر في استعماله في اليابسات دون المانعات، والقول بطهارته في الجميع أحسن لحديث سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:((ماتت شاة لنا فدبغنا مسكها، ثم ما زلنا ننبذ فيه حتى صار شنة)) أخرجه البخاري.
وقد اختلف في بيع جلد الميتة، فأجازه الليث قبل الدبغ وبعده، وعليه يأتي قول ابن شهاب، وقيل: لا يجوز لا قبل الدبغ ولا بعده، وهي رواية عن مالك مشهورة، وقيل: لا يجوز قبل الدبغ، ويجوز بعده، وهي رواية عن مالك أيضًا. قال الباجي: في قول مالك إنه لا يجوز قبل الدبغ وبعده: يحتمل أن يكون ذلك على سبيل الاستحباب، ويكون وجه ذلك التعلق بظاهر قوله -عليه السلام-: ((هلا انتفعتم بجلدها)) ولم يشترط دباغًا ولا غيره. ومن ذلك عظام الميتة جاز بيعها. واختلف أيضًا في القرن والظلف، فكرهه مالك، وقال: أراه ميتة، وقال ابن المواز: ما قطع منها مما يناله لحم ولا دم وما كان حيًا لا يؤلم فهو حلال أخذه منها حية أو ميتة، وعلى هذا يجري الجواب فيما قطع من الظفر إذا قطع من الأنامل.