جلده القذف بإجماع. وعامل في فسقه بإجماع. واختلف في عمله في رد الشهادة فقال أبو حنيفة وغيره لا يعمل الاستثناء في رد الشهادة وإنما يزول فسق عند الله تعالى ولا تقبل شهادته ولو تاب على حال من الأموال فرد الاستثناء إلى أقرب مذكور في الآية، وهو مذهب جماعة من الأصوليين. وقال جمهور الناس الاستثناء عامل في رد الشهادة فإن تاب القاذف قبلت شهادته، فرد الاستثناء إلى الجملتين، وهو مذهب جماعة من الأصوليين أيضًا. وقد سمى بعضهم هذا الاستثناء نسخًا وليس نسخًا باتفاق.
واختلفوا في صفة توبة القاذف التي ذكر الله تعالى، فقيل لا تكون إلا بأن يكذب نفسه بالقذف الذي حد فيه، وهكذا فعل شبل بن معبد ونافع وتابا عن القول في المغيرة وأكذبا أنفسهما فقبل عمر شهادتهما، وأبى أبو بكرة نفيع من إكذاب نفسه فرد عمر شهادته حتى مات، وهو قول الشعبي وغيره. وقيل توبته صلاح حاله وندمه على ما فرط منه وإن لم يكذب نفسه، وهو قول مالك. وهذا القول أصح لأن أصل التوبة الإنابة والرجوع من حال المعصية إلى حال الطاعة ومن ندم على ما فرط، وصلحت حاله، فهو رجوع منه. وقد قال تعالى:{إلا من تاب} ولم يخصص رجوعًا من رجوع. واختلف على القول بإجازة شهادته في أي شيء تجوز؟ فالمشهور عن مالك أنها تجوز في كل شيء بإطلاق، وكذلك كل من حد في شيء من الأشياء. وقال سحنون من حد في شيء من الأشياء فلا تجوز شهادته فيه. وقال مطرف وابن الماجشون من حد في قذف أو زنا فلا تجوز شهادته في شيء من وجوه الزنا ولا في قذف ولا في لعان وإن كان عدلًا، وروي هذا عن مالك. والقول الأول أصح لقوله تعالى:{إلا الذين تابوا من بعد ذلك} الآية فعم ولم يخص قبول شهادتهم في شيء دون شيء. واختلف