عدد الله تعالى فيها البيوت التي أباح الأكل فيها بغير إذن. فبدأ تعالى ببيت الرجل نفسه إذ لا أخص به منه ولما لم يذكر تعالى من جملة البيوت بيوت الأبناء. قال جماعة من المفسرين إنه داخل في قوله تعالى:{من بيوتكم} لأن بيت ابن الرجل بيته. وهذه الآية تدل على أن للرجل أن يأكل من بيت ابنه من غير إذنه كما يأكل من بيت نفسه لأن له أن يأخذ ماله ويستحله. ثم ذكر بيوت الآباء، فأباح للآباء الأكل منها بغير إذن. ثم ذكر على نحو ذلك بيوت الأمهات ثم ذكر بيوت الإخوان وهم الإخوة ثم ذكر بيوت الأخوات ثم بيوت الأعمام ثم بيوت العمات ثم بيوت الأخوال ثم ذكر بيوت الخالات ثم قال:{أو ما ملكتم مفاتحه} قيل يعني ما دفعت إليكم مفاتحه لتكون تحت نظركم على ما يأتي ذكره بعد هذا. وقيل المراد ما ملك الرجل من متاع نفسه. وهذا ضعيف لأن ما تقدم من قوله:{بيوتكم} يغني عنه. وقيل معناه ما جزتم وصار في قبضتكم وعند جماعة من المفسرين أنه يدخل في الآية الوكلاء والعبيد والأجراء بالمعروف. ثم قال تعالى:{أو صديقكم} فقرن الله تعالى الصداقة بالقرابة. قال معمر: قلت لقتادة: ألا تشرب من هذا الحب؟ قال أنت لي صديق فما هذا الاستئذان. وقال ابن عباس الصداقة أوكد من القرابة ألا ترى استغاثة الجهنميين:{فمان لنا من شافعين * ولا صديق حميم}[الشعراء: ١٠٠، ١٠١] واختلف المفسرون في هذه الآية في قوله: {أو بيوت آبائكم ... } إلى قوله تعالى: {ليس عليكم جناح} هل هي منسوخة أو محكمة؟ فذهب قوم إلى أنها منسوخة وأنه لا يجوز أن يؤكل من بيت أحد إلا بإذنه. واختلفوا في الناسخ، فقال بعضهم نسخها قوله تعالى:{ولا تأكلوا أمولكم بينكم بالباطل}[البقرة: ١٨٨] وقوله تعالى: {لا تدخلوا بيوت