للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي في سن من تحيض فليست بداخلة في الآية. قال ابن بكير وإسماعيل القاضي إنه يلزم على هذا القول في الآية أن تعتد هذه المرتابة في معاودة الحيض بالإقراء وتنتظر القرء حتى تبلغ سن من لا يشبه أن تحيض وإن بقيت عشرين عامًا. وإلى هذا ذهب الشافعي وأبو حنيفة، قالا: فإذا يئست من المحيض اعتدت ثلاثة أشهر ما لم تيأس من الحيض وإليه ذهب أيضًا النخعي والثوري وغيرهما، وحكاه أبو عبيد عن أهل العراق. وهذا غير لازم لأنه وإن كانت هذه المرتابة لم تتخصص بهذه الآية من آية البقرة فتخصص بالقياس والنظر، وهو الذي ذهب إليه عمر ابن الخطاب ولا مخالف له من الصحابة أنها تنتظر تسعة أشهر، فإن كان بها حمل وإلا اعتدت بعد التسعة ثلاثة ثم تحل. وقاله الشافعي بالعراق وهو قول مالك رحمه الله تعالى، على أنه يقول إن الريبة في الآية إنما هي في الحكم. وذهب ابن بكير وإسماعيل القاضي وغيرهما إلى أن المعنى في قوله تعالى: {إن ارتبتم} أي ارتبتم في معاودة الحيض وأنها ريبة مستقبلة، واحتج لذلك بحجج يطول جلبها. من ذلك أن اليأس في كلام العرب إنما هو مما لم ينقطع منه الرجاء. ألا ترى أنك تقول: يئست من المريض لشدة مرضه ومن الغائب لطول غيبته، ولا يصلح أن تقول: يئست من الميت الذي انقطع الرجاء منه. قالا ولو كانت الريبة في الحكم لطان حق اللفظ أن يكون إن ارتبتم بفتح الهمزة لأنها ريبة ماضية. ودليل خطاب هذا القول إنه لا تجب عدة على من يعلم أنها ممن لا تحيض من صغر أو كبر ولا يرتاب في أمرها، وإلى هذا ذهب ابن لبابة وقال إنه مذهب داود وأنه القياس لأن العدة إنما هي لحفظ الأنساب، فإذا أمن الحمل فلا معنى للعدة. وهو شذوذ من القول، وهذا ليس بلازم لإسماعيل القاضي وابن بكير لأن دليل الخطاب ضعيف في الاستدلال، وقد اختلف فيه الأصوليون، ولما لم يكن عندهما

<<  <  ج: ص:  >  >>