ليس لمكي تمتع ول قران فإن تمتع وجب عليه الدم، وغنما أجاز مالك له ذلك، ولم ير عليه دمًا، لأن قوله تعالى:{ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}[البقرة: ١٩٦] يجوز ان تعود إشارته على الهدي لا على التمتع. ومن لم يجز التمتع رأى أن الإشارة بذلك إنما هي إلا التمتع، والتمتع القران نقص من الإحرام فالدم واجب على من فعله، وتجزيه شاة، وقيل: بدنة. وذهب داود إلى أنه لا دم عليه، والآية نص في وجوب الدم على المتمتع بقوله تعالى:{فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}[البقرة: ١٩٦] قال أبو حنيفة: ولو كان ذلك راجعًا إلى الدم لقال ذلك على من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام. والشافعي يقول:((لمن)) بمعنى على من، وإلا فالنسك لا يختلف. ومن جعل قوله ذلك راجعًا إلى التمتع منع أهل مكة من التمتع والقران، وفي منعهم من ذلك دليل على أن القران رخصة لكنه رآه لأصحاب المسافة البعيدة، وذلك يقتضي كون الإفراد أفضل، لأن الرخصة لا تكون أفضل، وإنما يؤتى لمكان الحاجة. وهذا الدم لا بد فيه من الحل والحرم خلافًا للشافعي في قوله: إن اشتراه في الحرم ونحره فيه أجزاه.
ودليل القول الأول أنه هدي لقوله تعالى:{فما استيسر من الهدي} والهدي مأخوذ من الهدية فيجب أن يهدى من غير الحرم إلى الحرم، واختلفوا في هذا الهدي وفي هدي القران هل يجوز نحره قبل يوم النحر أم لا؟ فلم يجزه مالك وبه قال أبو حنيفة، وجوزه الشافعي أي وقت شاء إذا كان قد أحرم بالحج. وقال أحمد وعطاء في المتمتع يسوق الهدي، وإن قدم قبل العشر طاف وسعى ونحر هديه وإن قدم في العشر لم ينحره إلا يوم النحر. ودليل مالك وأصحابه قوله تعالى: {ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي