كافر يدل على أنه قد يموت وهو غير كافر، أي وهو مسلم فإذا صح منه الإسلام فلم لا تقبل توبته؟ ويدل على ذلك أيضًا قوله تعالى:{وهو الذي يقبل التوبة عن عباده} الآية [الشورى: ٢٦] وقوله: {قل للذين كفروا إن يتنهوا يغفر لهم ما قد سلف}[الأنفال: ٣٨] وظاهر المذهب أن عرض الاستتابة على المرتد واجب. وقال أبو حنيفة: لا يجب، وههو أحد قولي الشافعي. ومما يحتج به لأهل المذهب في ذلك قوله تعالى:{قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف}[الأنفال: ٣٨] فأمر نبيه -عليه السلام- أن يعرض عليهم الإسلام والأمر على الوجوب على أكثر أقوال الفقهاء.
واختلف القائلون في الاستتابة، فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: يستتاب ثلاثة أيام، وبه قال مالك واحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، والشافعي في أحد قوليه. وقيل يستتاب شهرًا. يروى عن علي أنه استتاب مرتدًا شهرًا، فأبى فقتله، وقال النخعي والثوري: يستتاب محبوسًا أبدًا. وقال الحسن -رضي الله عنه-: يستتاب مرة واحدة. وقال الزهري: يدعى إلى الإسلم فإن تاب وإلا قتل، وإلى نحو هذا ذهب الشافعي في أحد قوليه. فقال: يستتاب في الحال ولا حجة لمن حد في ذلك حدًا في شيئ من هذه الآية والظاهر من الآية أن لا حد في ذلك. وعن مالك في تحديده ثلاثة أيام روايتان، إحداهما: إنما ذلك واجب، والأخرى: أنه مستحب. ووجه الوجوب الاتباع لما جاء عن عمر، ووجه الاستحباب مراعة ظواهر الآي في عدم التحديد ومراعاة قول عمر أيضًا. وقد قال ابن المنذر: إنه اختلفت الآثار عن عمر في هذا الباب.