واختلفوا في ميراث المرتد إذا مات على رديته. فقال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- والحسن، والشعبي، والحكم، والليث، وأبو حنيفة، وإسحاق بن راهويه: ميراثه لورثته من الكفار. وروي عن عمر بن عبد العزيز خلافه. وهذا القول شاذ. وقال مالك، وربيعة، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأبو ثور: ميراثه لبيت المال لا لورثته المسلمين، ولا لورثته الكفار.
وقال آخرون: وأما كسبه في حال إسلامه فلورثته المسلمين، وأما كسبه في ردته فلبيت المال.
وحجة القول الشاذ من هذه الأقوال هي أن الله قد سماه كافرًا.
والكفار يرث بعضهم بعضً. وهذا من جملة الكفار، فيرثهم ويرثونه.
ووجه القول المشهزر مراعاة حكم الأصل الذي هو الإسلام. وقد ثبت به لمسلمي الورثة حق لا يبطله الارتداد. واختلف في المرتد إذا رجع للإسلام. وقد كان ضيع من فرائضه شيئًا قبل ارتداده وكانت عليه نذور وأيمان وشبه ذلك، فقيل: لا شيء عليه في شيء من ذلك، وإن كان حج حجة الإسلام استأنفها. قال: ولا يؤاخذ بما كان عليه من الارتداد، إلا بم لو فعله وهو كافر أخذ به، وإن زنى بعد أن أسلم وكان أحصن، قبل لم يرجم وهو قول مالك فجعل حكمه في ذلك كله حكم من لم يزل كافرًا أخذًا بظاهر قوله تعالى:{لئن أشركت ليحبطن عملك}[الزمر: ٦٥] وقال غيره: إن راجع الإسلام كان بمنزلة من لم يرتد له، وعليه فإن كان ضيع فرضًا قضاه ولا يقضي حجة الإسلام إن كان قد حج، واحتج بقوله تعالى:{ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم} الآية [البقرة: ٢١٧] وهو صواب لأنها آية مفيدة تقضي على المطلقة،