وقال ابن عباس في بعض ما روي عنه الآية عامة في الوثنيات، والمجوسيات، والكتابيات، وكل ما كانت على غير دين الإسلام باقية على عمومها محكمة ناسخة للآية التي في سورة المائدة، والتي في النساء. وروي هذا عن عمر، ابن عمر. وروي عن ابن عمر أنه سئل عن نكاح اليهودية والنصرانية؟ فقال: إن الله حرم المشركات على المسلمين، ولا يعلم شيء من الشرك أعظم من أن يقال عيسى ربنا. ويخرج من هذه الأقوال الإجماع على تحريم المشركات من غير أهل الكتاب. وذهب مالك رحمه الله وأكثر العلماء إلى أن نكاح حرائر أهل الكتاب جائز، وقد تزوج عثمان -رضي الله عنه- نائلة بنت الفرافصة نصرانية، وطلحة بن عبيد الله [تزوج] بيهودية، وحذيفة تزوج يهودية. وروي عن ابن عمر والحسن الكراهية فيه، وذهب قوم إلى منعه بناء على التأويل الذب ذكرناه عن ابن عباس في هذه الآية. وحجة مالك رحمه الله أن قوله تعالى:{والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب}[المائدة: ٥] ناسخ أو مخصص للآية إذ الجمع بين دليلين أولى من طرح أحدهما، ويبعد تأويل من قال أراد بقوله تعالى:{والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} أي أتوا الكتاب من قبلكم وأسلموا، وكذلك لا حجة لمن منع ذلك في قوله تعالى:{لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخؤ يوادون من حاد الله ورسوله}[المجادلة: ٢٢] وقوله: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين}[آل عمران: ٢٨] ونحو ذلك، لأن ذلك المنع إنما يرجع إلى المبايعة على أمر الدين. وقد قيل: إن الآية نزلت في مشركي العرب المحاربين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين فنهوا عن نكاحهن دون أهل الذمة والموادعين الذين أمروا بترك قتالهم، وأكثر أهل العلم على كراهة