دليل على جواز هبة المشاع فيما ينقسم لإباحة الله تعالى تمليك نصف الصداق المفروض الثابت بعد الطلاق، ولم يفرق بين ما كان منه عينًا أو دينًا أو يحتمل القسمة وما لا يحتملها، فوجب اتباع عموم الآية في جواز هبة المشاع خلافًا لمن لا يجيزه. وقد اعترض أصحاب مالك في تفسير هذه الآية فإن الذي بيده عقدة النكاح هو الاب. فقيل: كيف جاز للأب أن يعفو عن نصف الصداق وهو ملك غيره؟ ولو جاز أيضًا له أن يتصرف في مالها بالهبة والصدقة والعتق، ونحو ذلك. والجواب عن هذا أن الصداق مخالف لما ذكر من قبل، أن للأب أن يجبرها على العقد، وله أن يرفع العقد بخلع يوقعه، كذلك لأن يدفع ما وجب لها بالعقد إذ هو الموقع له، وله في ذلك حض. ويؤخذ من هذه الآية أيضًا إذا ثبت أن الذي بيده عقدة المكاح هو الأب أن له أن يجبر ابنته البكر على النكاح خلافًا لمن رأى أنه ال يزوجها إلا بإذنها، وهو أبو حنيفة، لأن الله تعالى قد جعب ذلك بيد الأب، فلو جعلنا فيه للبنت إذنًا بكنا قد جعلنا ذلك بيدها، وذلك خلاف ما تقتضيه الآية. وكذلك البكر الصغيرة التي لم تبلغ داخلة في هذا الحكم للأب أن يجبرها على النكاح باتفاق إلا من شذ. واختلف في الأب هل له أن يزوج ابنته البكر بأقل من صداق امثالها، فمنع ذلك الشافعي وأجازه مالك ومن تابعه قياسًا على وضع نصف الصداق.
وقوله تعالى:{وأن تعفو أقرب للتقوى}[البقرة: ٢٣٧] اختلف في المراد به فيقيل جميع الناس، وقيل المراد به النساء الجائزات الأمر والذي بيده عقدة النكاح. وقرئ ((وأن يعفو أقرب للتقوى)) بالياء وذلك راجع إلى الذي بيده عقدة النكاح.