الدين على الوصية، ولكنه فهم بالسنة أو الدين أولى بالتقديم؛ لأن أداء الدين فرض، والوصية إنما هي تطوع والفرض أولى من التطوع، ولو قال تعالى:{من بعد وصية يوصى بها أو دين} لتوهم أن ذلك يجب باجتماعهما فعدل إلى لفظ ((أو)). ويحتمل أن يقال: ذكر الله الوصية قبل الدين لأن الوصية أغلب وأكثر من الدين، فإنه يموت كثير من الناس ولا دين عليهم ولا يموت الإنسان غالبًا إلا وقد وصى بوصية، ويحتمل أن يقال: إن بيان الوصية كانت الحاجة إليه أكثر؛ لأن قضاء الدين من التركة مشهور، وقدم ذكر الوصية لذلك، وقد أطلق الله تعالى لفظ الوصية ولم يخصص القدر الذي يجوز أن يوصى به من المال كما لم يخصص قدر الدين بل ظاهر العموم جواز الوصية بالقليل والكثير، لأن الخبر الصحيح من وصية سعد دل على أن الزيادة على الثلث غير جائزة، فيخصص العموم بذلك إذا كان هناك وارث معين؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:((لأن تدع ورثتك أغنياء)) الحديث، فإذا لم يكن وارث معينًا، فهل تبقى الآية على عمومها من جواز الوصية بالقليل والكثير أم لا؟ اختلف العلماء في ذلك، فذهب أبو حنيفة إلى أنها باقية على موجب العموم من جواز الوصية بالقليل والكثير، وإن استغرق المال الوصية، وخالف مالك والشافعي ومن حجتهم أن قوله تعالى:{يوصى بها أو دين} إنما ورد في بعض الوراثة، ولم يرد