وقال ابن سحنون: يتيمم لكل سنة كما يتيمم للفرائض، فهذا قول رابع. وأما الصحيح المقيم على القول بأنه من أهل التيمم على حسب ما تأول عليه الآية من تأولها، فإنه يتيمم للفرض باتفاق. ويختلف في تيممه للسنن التي على الأعيان، وفي السنن التي على الكفاية. والقول الذي ذهب إليه على أنه لا يتيمم في النوافل، وهذا نزوع إلى مراعاة حال الضرورة؛ كما قال عبد العزيز. وقد اختلف في الحاضر العادم للماء إذا خاف فوات الجنازة والعيدين على القول بأنه ليس من أهل التيمم، هل يجوز أن يصلي عليها بغير وضوء أم لا؟ فالجمهور على أنه لا يجوز. وقال الشافعي: يجوز ذلك والحجة عليه أن الصلاة على الجنائز صلاة/ فلم تجز إلا كما قال الله تعالى: {لا تقربوا الصلاة} إلى قوله: {فتيمموا صعيدًا طيبًا}. وإن خالف في تسميتها صلاة أثبت ذلك عليه بما جاء في الشرع على طريق التواتر في تسميتها صلاة. واختلف إذا وهب للعادم الماء هل عليه قبوله أم لا؟ فذهب مالك إلى أن عليه قبوله، وقاله الشافعي، وقال أيضًا: لا يلزم قبوله لما يلحقه في ذلك من المنة وليس بشيء؛ لقوله تعالى:{فلم تجدوا ماء} وهذا واجد للماء، وإذا تيمم الرجل ثم وجد الماء قبل الشروع في الصلاة بطل تيممه، إن لم يخف فوات الوقت ولزمه استعماله، وهذب ابن أبي سلمة إلى أنه ل يلزمه استعمال الماء وله أن يصلي بذلك تيممًا.
ودليل القول الأول: قوله تعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا}، وهذا للماء وإن وجده في حال التشاغل بالصلاة مضى على صلاته.