يكون أحدهما على القاتل والآخر على غيره. والأظهر من محتملاته أن يكون على القاتل، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أبان مراد الله تعالى في الآية، وأي وجه من وجوه محتملاتها قصد. وإن كان الأظهر من لفظها غير ذلك، فعرف أن الكفارة في مال قاتل الخطأ لا في مال غيره، وأن الدية على عاقلة القاتل. وأجمع الناس على ذلك، ولا شك أن إيجاب ذلك على العاقلة خلاف قياس الأصول في الغرامات وضمان المتلفات. ولم يجب ذلك على العاقلة تغليظًا ولا لأن عليهم وزرًا من قلت غيرهم؛ ولكنها مواساة محضة. واعتقد أبو حنيفة أنها باعتبار النصرة فأوجبها على أهل ديوان القاتل. وهذا بعيد، فإن نصرة الديوان غير لازمة. وإنما هي لاختيار من في الديوان، والأحسن ما عليه الجمهور في العاقلة.
وقوله تعالى:{فتحرير رقبة}، يقتضي ابتداء عتقها من غير عقد حرية تقدمت فيها. ومن الناس من لم ير أنه يقضي ذلك، والأول أظهر لهذا. واختلفوا في جواز عتق المدبر في الرقاب الواجبة، فلم يجزه مالك، وأجازه الشافعي. واختلفوا أيضًا في المكاتب في الرقاب الواجبة، فلم يجزه مالك، وأجازه غيره، وفرق بين أن يكون أدى من كتابته شيئًا أم لا؟ فقالوا: إن لم يؤد شيئًا جاز عتقه. وإن أدى لم يجز عتقه. واختلف أيضًا في أم الولد، فلم يجزه الجمهور.
وأجازه طاووس والنخعي والحسن، وأظهر الأقوال قزل مالك ومن تابعه؛ لأن أم الولد والمكاتب والمدبر قد ثبت لهم عقد حرية لا سبيل إلى