للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظهار هل يجوز فيهما إعتاق غير المؤمنة أم لا؟ لأن الله تعالى قد قال في تينك: {فتحرير رقبة} مطلقًا ولم يقيدها بمؤمنة كام فعل في كفارة القتل، فذهب قوم إلى أنه يجوز فيما عدا كفارة القتل إعتاق الرقبة غير المؤمنة؛ لأن الله تعالى أطلق فيهما ولم يقيد بالإيمان. ومنع من ذلك آخرون، ولم يجيزوا إلا عتق المؤمنة استدلالًا بقوله في كفارة القتل: {فتحرير رقبة مؤمنة}، فقيد الرقبة بالإيمان، قالوا: فواجب حمل كفارة اليمين وكفارة الظهار على كفارة القتل؛ إذ كانتا في معناها؛ لأن الكفارة تجمع ذلك.

واحتجوا على ذلك بأن الله تعالى أمر بالإشهاد، فقال: {وأشهدوا إذا تبايعتم} [البقرة: ٢٨٢]، ولم يشرط العدالة. ثم قال في موضع آخر: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} [الطلاق: ٢]، و {ممن ترضون من الشهداء} [البقرة: ٢٨٢]، فلم يجز من الشهداء إلا العدل، فوجب حمل المطلق على المقيد وهذا الخلاف مبني على مسألة اختلف الأصوليون فيها، وهي حمل المطلق على المقيد إذا كانا من جنس واحد. والذي اعتمد عليه الشافعي في اشتراط الإيمان في كفارة الظهار حديث الأمة الخرساء؛ لأنه لم ير حمل كفارة الظهار على كفارة القتل. واختلف الذين ذهبوا إلى أنه لا يعتق إلا مؤمنة، في عتق الكافر إذا كان ممن يجبر على الإسلام كالمجوسي الكبير أو الصغير. فقال أشهب: لا يجزيه واستظهر بحديث السوداء. واختلف في الكتابي الصغير، فقال ابن القاسم: يجزئه. وعلى قول ابن وهب وأشهب لا يجزئه.

وظاهر اشتراط الإيمان حجة لمن منع. وأهل القول الأول يتأولون قوله تعالى: {مؤمنة} على الرقبة التي يحكم لها بحكم الإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>