العلم من اعتبر ذهاب النصف، ومنهم من اعتبر ذهاب الثلثان، ومنهم من قال: ما يقع عليه اسم طبخ. وقال محمد وأبو يوسف: إذا عرض على النار أدنى عرضة حل، فمن يعتبر الطبخ فلا يعتبر الإسكار. وذهب مالك وأصحابه إلى أنه لا يعتبر الطبخ وإنما يعتبر الإسكار، والمطبوخ وغير المطبوخ سواء، وهذا هو الصحيح؛ لأنه لا يخلو المطبوخ من أن يكون مسكرًا أو غير مسكر، فإن كان مسكرًا فهو خمر. وقد قال تعالى:{إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان} الآية، وإن كان غير مسكر فليس بخمر، فلا معنى لتحريمه ولا معنى لاعتبار الطبخ. واختلف في الخمر للمضطر أحرام أم حلال؟ ففيه في المذهب قولان، وحجة التحريم عموم النهي في هذه الآية. واختلفوا في الخمر أيضًا يتداوى بها، فلم يجزها مالك وأصحابه، وأجازه أبو حنيفة والثوري والشافعي. وحجة مالك عموم الآية أيضًا، وعلى شارب الخمر عند العلماء الحد، إلا أنهم اختلفوا في مقداره، لما جاء من السنة في ذلك. وذهب قوم إلى أن الحد ليس بواجب، قالوا: لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يحد شارب الخمر هرب، فدخل دار العباس، فسأله العباس تركه، فتركه، فلو كان واجبًا ما تركه. قالوا: ومن حجتهم أن الله تعالى حرمها ولم يذكر فيها حدًا، فلو كان فيها حد واجب لذكره كما فعل في سائر الحدود، وهذا كله