لا يتجاوز عدد ثلاثين مسكينًا في الإطعام ولا يقتصر على أقل من ستة، وأن الإطعام لا يكون على عدد الأمداد كما قدمنا. ولا خلاف أن الصيام لا يلزم أن يكون في مكة كالجزاء. واختلف في الإطعام، فقيل: لا يكون إلا بمكة، وأجزأه من قال ذلك مجرى الجزاء. وقيل: جائز أن يكون ذلك حيث كان من البلاد، وهذا هو ظاهر الآية لأنه إنما اشترط بمكة في الجزاء خاصة، ولم يشترط في الإطعام والصيام، فوجب أن يكون حيث شاء المكفر، وكذلك اختلف في المذهب في إخراج الطعام أين يكون، هل في الموضع الذي قتل فيه الصيد أم يكون حيث كان على تفضيل في ذلك. ووجه القول بأنه لا يجوز الإخراج أين كان قوله تعالى:{أو كفارة طعام مساكين}، فأطلق ولم يخص مكانًا من مكان. ولا يجوز عندنا أن يطعم عن بعض الجزاء ويصوم عن بعض خلافًا لأبي الحسن في قوله: إذا أطعم بعض المساكين ثم عجز عن ذلك صام بقدر ما يفي لكل مسكين يومًا. وهذا القول يرده ظاهر الآية؛ لأن الله تعالى فصل بين الكفارات، ولم يكن ذلك إلا لأن يؤتى بكل واحدة على حدتها، والجزاء لا يجب إلا بقتل الصيد لا بأخذه؛ لقوله تعالى:{ومن قتله منكم متعمدًا} الآية، فعلق الجزاء بالقتل خاصة. وعندنا أنه لا يذبح المحرم الداجن من الوحش، ومن حكي عنه خلاف هذا فقد جهل. والحجة