قول مالك الثاني. والقول الأول أظهر؛ لقوله تعالى:{وأنتم حرم}، ومن لم يدخل الحرم يعد من غير المحرمين فليس بحرام، فقتل الصيد حلال له. واختلف إذا كان الصيد في الحل والصائد في الحرم. فقال ابن القاسم: لا يجوز له الاصطياد. وقال ابن الماجشون: يجوز. وحجة ابن القاسم قوله تعالى:{لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم}، ولم يعتبر حال الصيد. واختلف في الحلال يقتل الصيد في الحرم هل يدخل في جزائه أم لا؟ فأثبته مالك ونفاه أبو حنيفة. ولمالك عموم الآية، وفيها الصيام. وعندنا أن للحلال أن يذبح في الحرم صيدًا صاده في الحل، ولا جزاء عليه خلافًا لأبي حنيفة في قوله: عليه الجزاء. ومن حجته عموم الآية، لأن الحرم يعم الإحرام، والصيد يعم المصيد وغير المصيد. والدليل على قولنا ما احتج به بعض العلماء من أن الحرم موضع استيطان وإقامة، فلو لم يجز فيه ذبح الصيد لشق ذلك على أهله، وليس بمنزلة الإحرام؛ لأن حرمة الحرم متأبدة وحرمة الإحرام غير متأبدة. فبهذا النظر خصصوه من عموم الآية. وقد اختلف فيمن جرح صيدًا وغاب عنه. فعند مالك عليه الجزاء كاملًا، وعند الشافعي: أن عليه ما نقصه الجرح. وفرق عبد الملك بين أن يكون الجرح متمكنًا من الصيد أم لا. وحجة مالك قوله تعالى:{لا تقتلوا الصيد}. ومن جرحه وغاب عنه، فلعله قد قتله. وإن جرحه ولم يغب عنه وبرئ على نقص، فقد اختلف فيه قول ابن القاسم. فقال