للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال: "لَأن أُمتِّعَ بسَوطي في سبيل الله، أحبُّ إليَّ مِن أن أُعتق ولدَ الزنى"، وإنَّ رسولَ الله قال: "ولدُ الزنى شرُّ الثلاثة، وإنَّ الميتَ يُعذَّب ببُكاء الحيّ".

فقالت عائشة: رَحِمَ الله أبا هريرة أساءَ سمعًا وأساء إجابةً: أما قوله: "لأن أُمتِّعَ بسَوطٍ في سبيل الله أحبُّ إليَّ من أن أُعتقَ ولدَ الزنى"، إنها لما نزلت ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ﴾ [البلد: ١١، ١٢]، قيل: يا رسول الله، ما عندنا ما نُعتِق إلّا أنَّ أحدَنا له الجاريةُ السوداء تخدُمه وتسعى عليه، فلو أمرناهُنّ فزنَين فجئن بأولادٍ فأعتقناهُم، فقال رسول الله : "لَأن أُمتِّعَ بسَوطٍ في سبيل الله، أحبُّ إليَّ من أن آمُرَ بالزنى، ثم أُعتِقَ الولدَ".

وأما قوله: "ولدُ الزّنى شرُّ الثلاثة" فلم يكنِ الحديثُ على هذا، إنما كان رجلٌ من المنافقين يؤذي رسولَ الله ، فقال: "من يَعذِرُني من فلان؟ " قيل: يا رسول الله، إنه مع ما به ولدُ الزنى، فقال رسول الله : "هو شرُّ الثلاثةِ"، والله ﷿ يقول: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الإسراء: ١٥].

وأما قوله: "إن الميتَ ليُعذَّبُ ببُكاء الحيّ" فلم يكنِ الحديثُ على هذا، ولكن رسول الله مرَّ بدارِ رجلٍ من اليهود قد مات وأهلُه يبكون عليه، فقال: "إنهم يَبكُون عليه، وإنه ليُعذَّبُ"، والله ﷿ يقول: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦] (١).


(١) إسناده حسن لولا أنَّ فيه عنعنة محمد بن إسحاق، فهو مدلِّس، وسلمة بن الفضل - وهو الأبرش - من أوثق الناس في ابن إسحاق، وروايته للمغازي عنه أتم الروايات كما قال ابن معين. قلنا: فلا عجب إذًا أن لا يذكر هذا الخبرَ غيرُه عن ابن إسحاق، وقال البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (٢٠٢٣٨): قد رُوي عن بُرد بن سنان أبي سليمان الشامي عن الزُّهْري عن عائشة مرسلًا في إعتاق ولد الزنى، فدلَّ على أنَّ الحديث له أصل من حديث الزُّهْري، والله أعلم.
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" ١٠/ ٥٨، وفي "معرفة السنن" (٢٠٢٣٥ - ٢٠٢٣٧) عن أبي عبد الله الحاكم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (٩١٠) عن صالح بن شعيب بن أبان البصري، =

<<  <  ج: ص:  >  >>