للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأما الرواية عن وهب بن مُنبِّه، وهو باب هذه العلوم:

٤٠٩٣ - فأخبرنا الحسن بن محمد الإسفراييني، حدثنا أبو الحسن بن البراء، حدثنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبِّه، قال: حديث إسحاق حين أمر الله إبراهيم أن يذبحه: وهبَ الله لإبراهيم إسحاق في الليلة التي فارقته الملائكة، فلما كان ابن سبع سنين أوحى الله إلى إبراهيم أن يذبحه ويجعله قُربانًا، وكان القُربان يومئذ يُتقبَّل ويُرفَع، فكتم إبراهيمُ ذلك إسحاق وجميع الناس وأسره إلى خليلٍ له يُقال له: العازَرُ الصِّدِّيق، وهو أول من آمَنَ بإبراهيم وقوله، فقال له الصديق: إنَّ الله لا يبتلي بمثل هذا مثلك، ولكنه يريد أن يُجرِّبَك ويَختبرك، فلا يَسُوءنَّ بالله ظَنُّك، فإنَّ الله يجعلك للناس إمامًا، ولا حول ولا قوة لإبراهيم وإسحاق إلّا بالله الرحمن الرحيم؛ فذكر وهب حديثًا طويلًا.

إلى أن قال وهبٌ: وبلغني أنَّ رسول الله قال: "لقد سَبَقَ إسحاق الناسَ إلى دعوةٍ ما سبقه إليها أحدٌ، وليقومن يوم القيامة فليشفَعَن لأهل هذه الدعوة، وأقبل الله على إبراهيم في ذلك المقام، فقال: اسمع مني يا إبراهيم، يا (١) أصدق الصادقين، وقال لإسحاق: اسمع مني يا أصبَرَ الصابرين، فإني قد ابتليتكما اليوم ببلاء عظيم لم أبتل به أحدًا من خلقي: ابتليتك يا إبراهيم بالحريق فصبرت صبرًا لم يصبر مثله أحدٌ من العالمين، وابتليتك بالجهاد في وأنت وحيدٌ وضعيفٌ فصدَقْتَ وصبرت صبرًا وصِدْقًا لم يصدق مثله أحدٌ من العالمين، وابتليتك يا إسحاق بالذَّبح، فلم تبخل بنفسك، ولم تُعظم ذلك في طاعةِ أبيك، ورأيتَ ذلك هيِّنًا صغيرًا في الله، بما ترجو


= وقد أفرد جماعةٌ من الأئمة في ذلك مصنفاتٍ في هذا الموضوع، منهم ابن العربي كما قال ابن ناصر الدين الدمشقي في "جامع الآثار في السير ومولد المختار" ٢/ ٢٤، وابن تيمية كما أشار إليه هو نفسه في "منهاج السنة النبوية" ٥/ ٣٥٥، وقال ابن ناصر الدين: وجنح ابن العربي بظاهر الدليل وصحيح التأويل من غير تمريض ولا تعليل أنَّ الذبيح - ولا بد - إسماعيل .
(١) في (ز): أي، بدل: يا، وكلاهما صحيح في النداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>