وكذلك رواه الواقدي عند ابن سعد ٢/ ٢٢٧ عن رجل حدثه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليّ. والواقدي ضعيف، وشيخه مبهم. فليس لهذا الخبر إذًا إسنادٌ يصحُّ عن جعفر بن محمد، ومع ذلك فقد قوَّاه البيهقيّ في "الدلائل" ٧/ ٢٦٨ بطريق المصنف هذا إذ أخرج الخبرَ عنه، مع طريق القاسم بن عبد الله بن عمر الذي تقدَّم ذكره، فقال: هذان الإسنادان وإن كانا ضعيفين فأحدهما يتأكد بالآخر، ويدلُّك على أنَّ له أصلًا من حديث جابر!! كذا قال ﵀، مع أن حقيقة تعدد هذه الطرق الاختلاف الناشئ بسبب ضعف أولئك الذين حملوا الخبر عن جعفر، فهو اضطرابٌ في إسناد الخبر لا تَعدُّدٌّ لطُرقه. وقد روى هذا الخبرَ غيرُ جعفر بن محمد، فقد رواه الحافظ محمد بن مسلم بن وارة، كما في "جامع الآثار" لابن ناصر الدين ٦/ ٤٤٠ عن المنهال بن بحر القشيري، عن عبد الواحد بن سُليمان، عن الحسن بن علي رجل من أهل المدينة، عن محمد بن علي، عن علي بن أبي طالب. وكذلك رواه محمد بن يحيى الأزدي عند الآجري في "الشريعة" (١١١٣) و (١٨٤١)، لكنه قال: عن المثنى بن بحر القُشيري، عن عبد الواحد بن سليمان، عن الحسن بن الحسن بن علي، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب كذا سمَّى في روايته ابنَ بحر المُثنَّى وإنما هو المنهال كما سماه ابن وارة، وسمَّى شيخَ عبد الواحد الحسنَ بن الحسن بن عليٍّ، وقال: عن أبيه، فأوهم أنه الحسن بن علي بن أبي طالب وما قاله ابن وارة هو الصحيح، ومحمد بن يحيى الأزدي لم يضبطه. فقد رواه سَيّار بن حاتم عند البيهقيّ في "الدلائل" ٧/ ٢١٠ عن عبد الواحد بن سليمان الحارثي، عن الحسن بن عليٍّ، عن محمد بن علي الباقر مرسلًا، فوافق ابنَ وارة غير أنه أرسل الخبر فلم يذكر عليًا. وعلى أي حالٍ فإنَّ الحسن بن علي المدني المذكور مجهول، وقال أبو زرعة كما في "الجرح والتعديل" ٣/ ٢٠: لا أعرفُه، ثم إنه على فرض صحة ذكر عليٍّ فيه منقطع، لأنَّ محمد بن علي الباقر لم يدركه، والأشبه أنه من مرسل محمد بن علي الباقر كما تدل عليه رواية ابن سعد عن أنس بن عياض التي تقدَّم ذكرها، والله أعلم. =