للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أمير المؤمنين، أأنت تفعل هذا، أتخلَعُ خُفَّيكَ وتضعُهما على عاتقك وتأخذُ بزمام ناقتك، وتخوض بها المخاضة؟! ما يَسرُّني أنَّ أهل البلد استَشرَفُوك، فقال عمر: أوَّه، لو يقولُ (١) ذا غيرُك أبا عُبيدة، جعلتُه نَكَالًا لأُمة محمدٍ ، إنا كنا أذلَّ قومٍ فأعزَّنا الله بالإسلام، فمهما نطلبُ العزَّ بغير ما أعزَّنا اللهُ به، أذلَّنا الله (٢).

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين لاحتجاجهما جميعًا بأيوب بن عائذٍ الطائي وسائر رواته، ولم يُخرجاه.

وله شاهدٌ من حديث الأعمش عن قيس بن مسلم:

٢٠٩ - حدَّثناه علي بن حَمْشَاذَ العدلُ، حدثنا محمد بن عيسى بن السَّكن الواسطي، حدثنا عمرو بن عَوْن، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن قيس بن مُسلِم، عن طارق بن شِهَاب قال: لمّا قَدِمَ عمرُ الشامَ، لَقِيَه الجنودُ وعليه إزارٌ وخُفَّانِ وعِمامة، وهو آخذٌ برأس بعيره يخوضُ الماء، فقال له -يعني قائل-: يا أمير المؤمنين، تَلْقاكَ الجنودُ وبَطارِقةُ الشام وأنت على حالك هذه؟! فقال عمر: إنا قومٌ أعزنا الله بالإسلام، فلن نبتغي العِزَّ بغيره (٣).


(١) في النسخ الخطية: لو يَقُل، على جزم "يقل" بلَوْ، والجادَّة ما أثبتنا، والجزم بلو خلاف الراجح المشهور عند جمهور النحاة، وجَوَّز بعضهم الجزم بها عند الضرورة، انظر "مغني اللبيب" لابن هشام ١/ ٢٧١، و"خزانة الأدب" للبغدادي ١١/ ٢٩٨ - ٣٠١.
وقوله: "أوّهْ" بفتح الهمزة وتشديد الواو وكسرها أو فتحها وهاء ساكنة: كلمة تقال عند الشِّكاية والتوجُّع والتحزُّن. وقيل: ساكنة الواو مكسورة الهاء، وربما قلبوا الواو ألفًا فقالوا: آهِ من كذا.
(٢) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عُيينة.
وأخرجه ابن المبارك (٥٨٤)، وأبو داود (٦٩)، وابن أبي الدنيا (١١٧) - ثلاثتهم في "الزهد"- والمحاملي في "أماليه" (٢٣٩)، وأبو نعيم في "الحلية" ١/ ٤٧، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٧٨٤٧)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٥/ ٤٤ من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وانظر ما بعده، وسيأتي برقم (٤٥٣١) من طريق الحميدي عن سفيان.
(٣) إسناده صحيح. أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران. =

<<  <  ج: ص:  >  >>