للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فانتظره حتى قضى صلاتَه، فقال له: إني مُستعمِلُك، فقال: أما جابيًا فلا، وأما غازيًا فنَعَم؟ قال: فإنك غازٍ، فسَرَحَه، وبعثَ إلى أهل الكوفة أن يُمِدُّوه ويَلْحَقُوا به، وفيهم حذيفةُ بن اليمان والمُغيرة بن شعبة والزُّبير بن العوّام والأشعث بن قيس وعمرو بن مَعْدِي كَرِب وعبد الله بن عمرو، فأتاهم النعمان وبينه وبينهم نهر، فبعث إليهم المغيرةَ بنَ شعبة رسولًا، ومَلِكُهم ذو الحاجبين (١)، فاستشار أصحابَه، فقال: ما تَرَون، أقعُدُ لهم في هيئة الحرب أو في هيئة المُلك وبَهجَتِه؟ فجلس في هيئة المُلك وبَهجَته على سريرٍ، ووضع التاجَ على رأسِه وحولَه سِماطَين (٢) عليهم ثياب الدِّيْباج، والقِرَطةُ، والأسْوِرَةُ، فجاء المغيرة بن شعبة، فأُخِذ بضَبْعَيه وبيده الرمحُ والترسُ والناسُ حولَه سِماطَين على بِساطٍ له، فجعل يَطعُنه برُمحِه، فخرَّقه لكي يَتطيّروا، فقال له ذو الحاجبين (٣): إنكم يا معشرَ العرب أصابَكم جوعٌ شديدٌ وجَهدٌ فخَرجتُم، فإن شئتُم مِرْناكم ورجعتُم إلى بلادكم، فتكلَّم المغيرةُ فحمدَ الله وأثنى عليه، وقال: إنا كنا مَعشَر العرب نأكل الجِيَف والمَيتة، وكان الناسُ يَطَؤُونا ولا نَطَؤُهم، فابتعثَ اللهُ منا رسولًا في شَرَفٍ منا؛ أوسطُنا حَيًّا، وأصدقنا حديثًا، وإنه وعدَنا أنَّ هاهنا ستُفتَح علينا، وقد وجدْنا جميعَ ما وعدَنا حقًّا، وإني لأرى هاهنا بِزَّةً وهيئةً ما أَرى مَن معي بذاهِبينَ حتى يأخُذُوه، فقال المغيرةُ: فقالت لي نفسي: لو جمعتَ جَرامِيزَك فوَثَبَتَ وَثْبةً فجلستَ معه على السَّرير، إذ وجدتُ غَفْلَةً فَزَجَروني (٤)، وجعلوا يَجَؤُونه،


(١) تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: الجناحين، والتصويب من (م) و "تلخيص المستدرك" للذهبي وكأنها كذلك في (ص).
(٢) نصب لكونه مفعولًا به لفعل محذوف تقديره: ووضع حوله سِماطين، جملة معطوفة على جملة: ووضع التاجَ على رأسه. والسِّماطان: الجانبان.
(٣) تحرَّف في نسخنا الخطية إلى: الجناحين، والتصويب من "تلخيص المستدرك".
(٤) كذا جاءت العبارة في أصول "المستدرك"، وفيها حذفٌ يدل عليه ما تقدَّم، وقد جاء مبينًا في "أخبار أصبهان" لأبي نُعيم ١/ ٢٢ إذ أخرجه من طريق حجاج بن منهال أيضًا، ولفظه: لو جمعت جراميزك فوثبتَ وثبةً فجلستَ معه على السرير حتى يتطيروا، فوجدتُ غفلةً فوثبتُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>