للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقلت: أرأيتُم إن كنتُ أنا استَحْمَقتُ (١)، فإن هذا لا يُفعَل بالرُّسُل، وإنا لا نفعل هذا برُسُلكم إذا أَتَوْنا، فقال: إن شئتُم قَطَعْنا إليكم، وإن شئتُم قطعتُم إلينا، فقلتُ: بل نَقطَعُ إليكم.

فقَطَعْنا إليهم، وصافَفْناهم فتسَلْسَلُوا كُلُّ سبعةٍ في سلسلةٍ، وخمسةٍ في سلسلة، حتى لا يَفِرُّوا، قال: فرامَونا حتى أسرعُوا فينا، فقال المغيرةُ للنعمان: إنَّ القومَ قد أسرَعُوا فينا، فاحمِلْ، فقال: إنك ذو مناقبَ، وقد شهدتَ مع رسولِ الله ، ولكنّي أنا شهدتُ رسولَ الله إذا لم يُقاتِل أولَ النهارِ أخَّر القتالَ حتى تزولَ الشمسُ وتَهُبَّ الرياحُ، وينزلُ النصرُ، فقال النعمان: يا أيها الناس، أَهتزُّ ثلاثَ هَزّاتٍ، فَأَمَّا الهَزّةُ الأولى فليَقضِ الرجلُ، حاجتَه، وأمَّا الثانية فلينظر الرجلُ في سلاحِه وسَيفِه، وأما الثالثة فإني حاملٌ فاحمِلُوا، فإن قُتِل أحدٌ فلا يَلْوي أحدٌ على أحدٍ، وإن قُتِلتُ فلا تَلْوُوا عليَّ، وإني داعٍ الله بدعوةٍ، فعزمتُ على كلِّ امرئ منكم لَمَا أمَّن عليها، فقال: اللهمَّ ارزُق اليومَ النعمانَ شهادةً بنَصْر المسلمين وافتَحْ عليهم، فأمَّن القومُ، وهَزَّ لواءَه ثلاثَ مراتٍ، ثم حَمَل، فكان أولَ صَرِيعِ، فذكرتُ وصيَّتَه فلم ألْوِ عليه، وأَعلمْتُ مكانَه، فكنا إذا قَتلْنا رجلًا منهم شُغِل عنا أصحابُه يَجُرُّونه، ووقع ذو الحاجِبَين (٢) من بَغْلتِه الشهباءِ، فانشَقَّ بطنُه، وفَتحَ اللهُ على المسلمين، فأتيتُ النعمانَ وبه رَمَقٌ، فأتيتُه بماءٍ فجعلتُ أصُبُّه على وجهه أغسِلُ الترابَ عن وجهِه، فقال: مَن هذا؟ فقلت: مَعقِلُ بن يَسار، فقال: ما فعلَ الناسُ؟ فقلت: فَتحَ اللهُ عليهم، فقال: الحمدُ لله، اكتُبوا بذلك إلى عُمر، وفاضَتْ نفسه، فاجتمع الناسُ إلى الأشعثِ بن قيس، قال: فأتينا أمَّ


= وثبةً فجلستُ معه على السرير، فزجروه ووطئوه.
(١) تحرَّفت في نسخنا الخطية إلى: استجمعت، والجادة ما أثبتناه وفاقًا لمصادر تخريج الخبر، ومعنى استحمقت: جهلتُ وسفهت.
(٢) تحرَّف في (ز) و (ب) إلى: الجناحين، والمثبت على الصواب من (ص) و (م) و "تلخيص الذهبي".

<<  <  ج: ص:  >  >>