للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ظِلال المسجد، والمسجدُ يومئذٍ من قَصَب، فانتهى إلى أبي بَكْرة فسلّم عليه، فقال له أبو بكرة: أيها الأمير، ما أخرجَك من دار الإمارة؟ قال: أتحدَّثُ إليكم، فقال له أبو بكرة: ليس لك ذاك، الأميرُ يجلسُ في داره، فيَبعَث إلى من يشاء، فيتحدّثُ معهم، قال: يا أبا بكرة، لا بأس بما أصنعُ، فدخل من باب الأصغر، حتى تقدَّم إلى باب أمّ جَميل امرأةٍ من قَيْس قال: وبين دَار أبي عبد الله (١) وبين دار المرأة طريقٌ، فدخل عليها، قال أبو بَكْرةَ: ليس لي على هذا صبرٌ، فبعث إلى غُلام له، فقال له: ارتَقِ غرفتي، فانظر من الكَوَّة، فانطلق فنظر، فلم يَلبَثْ أن رجع، فقال: وجدتُهما في لِحافٍ، فقال للقوم: قُوموا معي، فقاموا، فبدأ أبو بكرةَ، فنظر فاستَرجَعَ، ثم قال لأخِيه: انظُرْ، فنظَر، قال: ما رأيتَ؟ قال: الزِّنى مَحْضًا، ثم قال: يا شِبْلُ انظُرْ، فنظر، قال: ما رأيتَ؟ قال: رأيتُ الزِّنى مَحْضًا، قال: أُشْهِدُ الله عليكم؟ قالوا: نعم، قال: فانصرفَ إلى أهلِه، وكَتَب إلى عمر بن الخطاب بما رأى، فأتاهُ أمرٌ فَظِيعٌ، صاحبُ رسول الله ، فلم يَلبَثْ أن بعث أبا موسى الأشعري أميرًا على البصرة، فأرسل أبو موسى إلى المُغيرة: أن أقِمْ ثلاثةَ أيام أنت فيها أميرُ نفسِك، فإذا كان يومُ الرابع، فارتحِلْ أنت وأبو بَكْرة وشُهودُه، فيا طُوبَى لك إن كان مَكذوبًا عليك، ووَيلٌ لك إن كان مَصدوقًا عليك.

فارتَحَلَ القومُ أبو بَكْرة وشُهودُه والمُغيرةُ بن شُعبة، حتى قَدِموا المدينةَ على أمير المؤمنين فقال هاتِ ما عندَك يا أبا بَكْرة، قال: أشهَدُ أني رأيتُ الزنى مَحْضًا، ثم قَدَّموا أبا عبد الله أخاهُ، فَشَهِدَ: إني رأيت الزنى محضًا، ثم قَدَّموا شِبْلَ بنَ مَعِبَد البَجَلي، فسأله، قال: أشهدُ أني قد رأيتُ الزنى مَحْضًا، ثم قدَّموا زيادًا، فقال: ما رأيتَ؟ فقال: رأيتُهما في لِحافٍ، وسمعتُ نَفَسًا عاليًا، ولا أدري ما وراءَ ذلك، فكبَّر


(١) يعني نافع بن الحارث أخا أبي بكرة لأمّه الذي تقدَّم ذكره، فقد كان يكنى أبا عبد الله كما سيأتي عند ذكر شهادتهم على المغيرة في هذه الرواية.

<<  <  ج: ص:  >  >>