للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إياهم، ولم أرَ مثلَ إعظامهم إياه، فحَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم ذَكَرَ من أرسلَ من رُسلِه وأنبيائه وما لَقُوا، وما صُنِعَ بهم، وذكر مولدَ عيسى ابن مريم ، وأنَّه وُلِدَ بغير ذَكَرٍ فبعثه الله ﷿ رسولًا، وأَجْرى (١) على يديه إحياءَ الموتى، وأنه يَخلُقُ من الطِّين كهيئة الطير، فينفخُ فيه فيكون طيرًا بإذن الله، وأَنزلَ عليه الإنجيلَ وعلَّمه التوراةَ، وبعثه رسولًا إلى بنى إسرائيل، فكَفَرَ به قومٌ وآمَنَ به قومٌ، وذَكَر بعضَ ما لقي عيسى ابنُ مريم، وأنَّه كان عبدًا الله أنعمَ الله عليه فشكر ذلك له، ورضي الله عنه حتى قَبَضَه الله ﷿، وهو يَعِظُهم ويقول: اتقوا الله والزَمُوا ما جاء به عيسى ، ولا تُخالفوا فيُخالَفَ بكم.

ثم قال: من أراد أن يأخذَ من هذا شيئًا، فليأخُذْ، فجعَلَ الرجلُ يقوم فيأخذ الجَرَّة من الماء والطعامَ والشيءَ، فقام أصحابي الذين جئتُ معهم فسلَّموا عليه وعظَّموه، وقال لهم: الزَمُوا هذا الدِّينَ وإياكم أن تَفرَّقوا، واستَوصُوا بهذا الغلام خيرًا، وقال لي: يا غلام، هذا دِينُ الله الذي تسمعُني أقولُه، وما سواه الكفرُ، قال: قلتُ: ما أنا بمفارقِك، قال: إنَّك لا تستطيعُ أن تكون معي، إني لا أخرجُ من كهفي هذا إلَّا كلَّ يوم أَحد، ولا تَقدِرُ على الكَينُونة معي، قال: وأقبل عليَّ أصحابُه، فقالوا: يا غلام، إنَّك لا تستطيعُ أن تكون معه، قلتُ: ما أنا بمفارقِكَ، قال له أصحابُه: يا فلان، إِنَّ هذا غلامٌ ويُخاف عليه، قال: فقال لي: أنت أعلم، قلتُ: فإني لا أُفَارِقُك، فبكى أصحابي الأولون الذين كنتُ معهم عند فِراقِهم إياي، فقال: يا غلام، خُذْ من هذا الطعام ما تَرَى أنه يكفيك إلى الأحدِ الآخر، وخُذْ من الماء ما تكتفي به، ففعلتُ، فما رأيتُه نائمًا ولا طاعمًا، إلا راكعًا وساجدًا إلى الأحد الآخر، فلما أصبحنا، قال لي: خُذْ جَرَّتَك هذه وانطلِقْ، فخرجتُ معه أتبعُه حتى انتهينا إلى الصخرة، وإذا هم قد خرجوا من تلك الجبال ينتظرون خروجه، فقعدوا وعادَ في حديثه نحوَ المرَّةِ الأولى،


(١) في النسخ الخطية: وأحيا، والتصويب من "الدلائل".

<<  <  ج: ص:  >  >>