واجتهد الحافظ ابن حجر في حلِّ هذا الإشكال، فقال في "فتح الباري" ٢/ ١١٠: وقع في "سنن أبي داود" (بل النسائي ٢٠٧) عن فاطمة بنت قيس، فظنّ بعضُهم أنَّها القُرشيّة الفِهْريَّة، والصواب أنَّها بنت أبي حُبَيش، واسم أبي حبيش قيس. قلنا: وعليه فلا إشكال، وقد وقع في حديثي أم سلمة وعائشة التاليين عند المصنف نسبة فاطمة ببنت قيس أيضًا، لكن يُعكر عليه أنَّ المصنف انفرد بنسبتها هكذا في حديثي أم سلمة وعائشة، وروى الحديثين غيره من الناس فنسبوها بنت أبي حبيش كما سيأتي التنبيه عليه هناك. والأمر الآخر أنه يبعد على كلِّ هؤلاء الحفاظ أن لا يتنبهوا لهذا الأمر، والله تعالى أعلم بالصواب. والحديث أخرجه أبو العبّاس السراج في "حديثه" (٤٣١)، والطبراني في "الأوسط" (٢٩٦٠) و (٧٨١٨)، وفي "الصغير" (٢٣٥)، والبيهقي ١/ ٣٣٥ من طرق عن وهب بن بقية، بهذا الإسناد. وقع عند بعضهم: عن جابر عن فاطمة بنت قيس، وعند بعضهم الآخر: عن جابر: أنَّ فاطمة سألت النَّبيَّ ﷺ، وهذا من اضطراب جعفر الضبعي، والله أعلم. وقال الطبراني: لم يروه عن ابن جريج إلَّا جعفر بن سليمان. وقال البيهقي: قال أبو بكر بن إسحاق: جعفر بن سليمان فيه نظر، ولا يُعرف هذا الحديث لابن جريج ولا لأبي الزبير من وجهٍ غير هذا، وبمثله لا تقوم حجة، واختلف عليه فيه. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" ٢/ ١٤٨ من طريق الحسن بن عمر بن شقيق، والدارقطني في "سننه" (٨٤٨) - ومن طريقه البيهقي ١/ ٣٥٥ - من طريق قَطَن بن نُسير الغبري، كلاهما عن جعفر بن سليمان به. وقال ابن عدي: وهذا الحديث لم يحدث به عن ابن جريج بهذا الإسناد غير جعفر بن سليمان، ويقال: إنه أخطأ فيه أراد به إسنادًا آخر عن ابن جريج، لعله يرويه عن الزهري عن عروة عن عائشة، فلعل جعفرًا أراد هذا الحديث فأخطأ عليه، فقال: عن أبي الزبير عن جابر. وقال البيهقي: وهكذا رواه قطن بن نسير عن جعفر بن سليمان، فقال في الحديث: إنَّ فاطمة بنت قيس سألت، ولا يعرف إلَّا من جهة جعفر بن سليمان، والله أعلم. وانظر ما بعده. قال الحافظ في "فتح الباري" ٢/ ١٠٥: وفي الحديث دليل على أنَّ المرأة إذا مَيَّزت دم الحيض من دم الاستحاضة تَعتبِر دم الحيض وتعمل على إقباله وإدباره، فإذا انقَضَى قَدْره اغتسلت عنه ثم صار حُكْم دم الاستحاضة حُكْم الحَدَث فتتوضأ لكل صلاة، لكنها لا تصلي بذلك الوضوء=