كعطلة رسمية للدولة، وبقية الأيام أستأنف العمل بعد الظهر بما يتسع لي من وقت إلى الفجر.
ثم يسر اللَّه لي إجازة تفرغ علمي من الجامعة الأردنية مدة سنة كاملة، أمضيت أيامها بعمل مستمر بدون كلل ولا ملل، ولست أبالغ إذا قلت: إن معدل اشتغالي بتحقيق هذا الكتاب في اليوم والليلة يزيد على عشر ساعات، جعل اللَّه ذلك في ميزان حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون، ولا أقصد في ذلك إلا وجهه الكريم، وهو القادر على الجزاء.
أخي القارىء الكريم: عندما حققت الأجزاء الثلاثة الأولى، جعلت لها فهارس شاملة، وذكرت مراجع التحقيق خشية أن يحال بيني وبين إكمال الكتاب بحدوث عارض، أو بوقوع الأجل المحتوم، وعندما يسر اللَّه لي إكمال الكتاب، حذفت منه الفهارس، والمراجع، وزدت فيه، وأنقصت منه، وهذا شأن كل كاتب كما يقول الأصفهاني:(إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابًا في يومه إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر).
والكتاب بين يديك أيها القارىء الكريم، فهو كتاب مقارن بين آراء أعلام الفقه الإِسلامي ومذاهبه، إذ يذكرها مجردة بدون ذكر الدليل، مما اضطرني لذكر أدلتهم النقلية، والعقلية، للأجزاء الخمسة الأخيرة، وأذكر مراجع الأدلة من كتب السنة النبوية المطهرة، وكتب الفقه المعتمدة، وكل ذلك أبينه في الهامش.
وكتاب (حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء) للشاشي القفال، يحقق، وينشر على الناس بكامله لأول مرة بعد تسعة قرون كاملة، ينشره من نذر نفسه لخدمة العلم، الفقير إلى اللَّه تعالى، من لم يجمعه