للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضلال وجهل بالحق، وهذا يغلب على الأمة الضالة.

فالأولى اليهود، والثانية النصارى.

وفي «صحيح ابن حبان» و «المسند» و «الترمذي» (١) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون».

وقد أمرنا الله سبحانه أن نقول في كل صلاة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٦ - ٧]، فإن النعمة المطلقة لا تحصل إلا بمعرفة الحق واتباعه.

وإذا كان كذلك، والإنسان يحتاج إلى هذا وهذا ففطرته السليمة إما أن تكون مقتضية لمعرفة الحق دون العمل به ومحبته، أو لمحبته دون معرفته، أو لا تقتضي لا هذا ولا هذا، أو تقتضي الأمرين، والأقسام الثلاثة باطلة؛ فتعيّن الرابع، فإنها لو لم تقتض لا هذا ولا هذا كان الصدق والكذب، والإحسان والإساءة، والبر والفجور، والشكر والكفر؛ عندها سواء، وكذلك يكون اعتقاد الباطل واعتقاد الحق، وإرادة الخير وإرادة الشر بالنسبة إليها سواء، وذلك من أبطل الباطل، وهو خلاف ما هو معلوم بالحسِّ الباطن والظاهر والشرع والعقل، وخلاف ما فطر الله عليه عباده.

ولا يجوز أن تكون مفطورة على المحبة والعمل دون العلم؛ فإن ذلك يوجب أن يستوي عندها العلم والجهل، والاعتقاد الصحيح والباطل، وذلك محال.


(١) «صحيح ابن حبان» (٦٢٤٦)، «المسند» (١٩٣٨١)، «الترمذي» (٢٩٥٤) من حديث عدي بن حاتم.