للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله، ما عندك من علم الغيب؟ فقال: "ضَنَّ ربك بمفاتيح خمسٍ من الغيب لا يعلمها إلا الله"، وأشار بيده، فقلتُ: ما هُنّ؟ قال: "عِلْمُ المَنِيّة، قد عَلِم متى مَنِيّة أحدكم ولا تعلمونه، وعِلْمُ المَنِيِّ حين يكون في الرحم، قد علمه ولا تعلمونه، وعِلْمُ ما في غد، قد علم ما أنت طاعم ولا تعلمه، وعِلْمُ يومِ الغيث، يشرف عليكم آزِلِين (١) مشفقين، فيظل يضحك، قد علم أن غَوْثكم إلى قريب ــ قال لقيط: لن نَعدم من ربٍّ يضحك خيرًا ــ، وعِلْمُ يومِ الساعة".

وقد تقدم حديث علي المتفق على صحته: "ما منكم من نفس منفوسة، إلا وقد عُلِم مكانُها من الجنة والنار" (٢).

وقال البزار: حدثنا محمد بن عمر بن هياج الكوفي، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا فضل (٣) بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسبه قال: "يُؤتى بالهالك في الفترة، والمعتوه، والمولود، فيقول الهالك في الفترة: لم يأتني كتابٌ ولا رسولٌ. ويقول المعتوه: أي ربِّ، لم تجعل لي عقلًا أعقل به خيرًا ولا شرًّا. ويقول المولود: ربِّ، لم أدرك العمل. قال: فتُرفعُ لهم نار، فيُقالُ لهم: رِدُوها، أو قال: ادخلوها. فَيَرِدُها من كان في علم الله سعيدًا أن لو أدرك العمل، قال: ويُمسك عنها من كان في علم الله شقيًّا أن


(١) من الأزل: الشدة والضيق، "النهاية في الغريب" (أزل) (١/ ٤٦).
(٢) تقدم تخريجه بسياق مشابه في (٢٦)، ولفظ المؤلف هنا في "الإبانة الكبرى" (١٤١٣) وغيرها.
(٣) كذا في "د" "م": "فضل"، صوابه: "فضيل" كما في مصادر التخريج، وانظر حاشية تحقيق "الجرح والتعديل" (٣/ ٥).