للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قدرة الله، وجَعْل قدرة العبد مؤثّرة.

والقائل بهذا لم يتخلص من الخطأ، حيث زعم أن قدرة العبد مستقلة بإعانة قدرة الله له، فعاد الأمر إلى اجتماع مؤثّرين على أثر واحد، لكن قدرة أحدهما وتأثيره مستند إلى قدرة الآخر وتأثيره.

وكأنه ــ والله أعلم ــ أراد أن قدرة الربِّ تعالى مستقلة بالتأثير في إيجاد قدرة العبد، ثم قدرة العبد مستقلة بالتأثير في إيجاد الفعل. وهذا قد قاله طائفة من العقلاء.

وقائل هذا لم يتخلص من الخطأ؛ حيث جعل قدرة العبد مستقلة بالتأثير في إيجاد المقدور، وهذا باطل؛ إذ غاية قدرة العبد أن تكون سببًا، بل جزءًا من السبب، والسبب لا يستقل بحصول المسبَّب ولا يوجبه، وليس في الوجود ما يوجب حصول المقدور إلا بمشيئة الله وحده.

وأصحاب هذا القول زعموا أن الله سبحانه أعطى العبد قدرة وإرادة، وفوَّض إليه بهما الفعل والترك، وخلّاه وما يريد، فهو يفعل ويترك بقدرته وإرادته اللتَيْن فوض إليه الفعل والترك بهما.

وقالت طائفة أخرى: مقدور العبد هو عين مقدور الربّ، بشرط أن يفعله العبد إذا تركه الربّ ولم يفعله، لا على أنه يفعله والربّ له فاعل؛ لاستحالة خلق بين خالقَيْن. وهذا هو بعينه مذهب مَن يقول بوقوع مفعول بين فاعلَيْن على سبيل البدل، وهذا مذهب كثير من القدرية، منهم الشحَّام وغيره.

وقالت طائفة: يجوز وقوع فعل بين فاعلَيْن بنسبتين مختلفتين: أحدهما