للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون مُحْدِثًا، والآخر يكون كاسبًا. وهذا مذهب النجار، وضرار بن عمرو، ومحمد بن عيسى، وحفص.

والفرق بين هذا المذهب ومذهب الأشعري من وجهين:

أحدهما: أنَّ أصحاب هذا المذهب يقولون: العبد فاعلٌ حقيقة وإن لم يكن مُحْدِثًا مخترعًا للفعل. والأشعري يقول: العبد ليس بفاعل وإن نُسِبَ إليه الفعل، وإنما الفاعل في الحقيقة هو الله، فلا فاعل سواه.

الثاني: أنهم يقولون: الربّ هو المُحْدِث، والعبد هو الفاعل.

وقالت فرقة: بل أفعال العباد فعل الله على الحقيقة، وفعل العبد (١) على المجاز، وهذا أحد قولي الأشعري.

وقالت فرقة أخرى ــ منهم القَلانِسي وأبو إسحاق في بعض كتبه ــ: إنها فعل لله (٢) على الحقيقة، وفعل للإنسان (٣) على الحقيقة، لا على معنى أنه أحدثها، بل على معنى أنها كسب له.

وقالت طائفة أخرى ــ وهم جهم وأتباعه ــ: إنّ القادر على الحقيقة هو الله وحده، وهو الفاعل حقًّا، ومن سواه ليس بفاعل على الحقيقة ولا كاسب أصلًا، بل هو مضطر إلى جميع ما فيه من حركة وسكون، وقول القائل: قام، وقعد، وأكل، وشرب؛ مجاز بمنزلة قوله: مات، وكبر، ووقع، وطلعت الشمس وغربت. وهذا قول الجبرية الغلاة.


(١) "د": "للعبد".
(٢) "م": "الله".
(٣) "م" "ج": "الإنسان".