للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصدّيق الناجي] (١) قال: "خرج سليمان بن داود يستسقي، فرأى نملة مستلقية على ظهرها، رافعة قوائمها إلى السماء، وهي تقول: اللهم إنّا خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن سقياك ورزقك، فإمّا أن تسقينا وترزقنا، وإما أن تهلكنا، فقال: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم" (٢).

وقد حدثني مَن أثق به أن نملة خرجت من بيتها، فصادفت شِقّ جرادة، فحاولت أن تحمله فلم تطق، فذهبت وجاءت معها بأعوان يحملنه معها، قال: فرفعْتُ ذلك من الأرض، فطافت في مكانه فلم تجده، فانصرفوا وتركوها، قال: فوضعْتُه، فعادت تحاول حمله فلم تقدر، فذهبت وجاءت بهم، فرفعْتُه، فطافت فلم تجده، فانصرفوا، قال: فعلتُ ذلك مرارًا، فلما كان في المرة الأخيرة استدار النمل حلقة، ووضعوها في وسطها، وقطعوها عضوًا عضوًا.

قال شيخنا ــ وقد حكيت له هذه الحكاية ــ: "هذه النمل فطرها الله سبحانه على قبح الكذب وعقوبة الكذاب" (٣).

والنمل من أحرص الحيوان، ويُضرب بحرصه المثل.

ويُذكر أن سليمان بن داود ــ صلوات الله وسلامه عليه ــ لما رأى حرص النملة، وشدَّة ادخارها للغذاء؛ استحضر نملة وسألها: كم تأكل النملة من


(١) زيادة من مصدر الخبر، موضعه بياض في الأصول.
(٢) "الزهد" (٤٤٩)، وأخرجه ابن أبي شيبة (٣٠١٠١)، والجاحظ في "الحيوان" (٤/ ١٩) واللفظ له.
(٣) انظر: "مفتاح دار السعادة" (٢/ ٦٩٠).