للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها ما يزُقّ فراخه خاصّة، ومنها ما فيه شفقة ورحمة بالغة يزُقّ فراخه وغيرها.

ومن عجيب هدايتها أنها إذا حملت الرسائل سلكت الطرق البعيدة عن القرى ومواضع الناس؛ لئلا يعرض لها من يصدّها، ولا تَرِد مياههم، بل تَرِد المياه التي لا يَرِدها الناس.

ومن هدايته أيضًا أنه إذا رأى البازي في الهواء فيعرف (١) أي البزاة هو، وأي نوع من الأنواع صيده (٢)؛ فيخالف فعله ليسلم منه.

ومن كيسه أنه في أول نهوضه يعقل ويميّز بين النسر والعقاب، وبين الرَّخَم والبازي، وبين الغراب والصقر، فيعرف من يقصده ومن لا يقصده، وإن رأى الشاهين فكأنه رأى السم الناقع، ويأخذه تحيّر كما يأخذ الشاةَ عند رؤية الذئب، والحمارَ عند مشاهدة الأسد.

ومن هداية الحمام أن الذكر والأنثى يتقاسمان أمر الفراخ، فتكون الحضانة والتربية والكفالة على الأنثى، وجلب القوت والزّقّ على الذكر، فإن الأب هو صاحب العيال والكاسب لهم، والأمّ هي التي تحبل وتلد وترضع.


(١) "د": "فعرف" والمثبت من "م"، والأقرب حذف الفاء.
(٢) "د": "صده" مهملة، وطمست في "م"، والمثبت من "ج" موافقة للـ "الحيوان" (٣/ ١٨٧) وعبارته: "الحمام لا يخفى عليه في أوّل ما يرى البازي في الهواء أيّ البزاة هو، وأيّ نوع صيده، فيخالف ذلك".