معناه أنه وجده كذلك، تعالى الله عما يقول المحرفون.
ثم انظر في كتاب "فعل وأفعل" هل تظفر فيه بـ "أفعلتُه" بمعنى وجدته ــ مع سعة الباب ــ إلّا في الحرفين أو الثلاثة نقلًا عن أهل اللغة؟
ثم انظر هل قال أحد من الأولين والآخرين من أهل اللغة: إن العرب وضعت أضلّه الله وهداه، وختم على سمعه وقلبه، وأزاغ قلبه وصرفه على طاعته ونحو ذلك، بمعنى وجده كذلك؟
ولما أراد سبحانه الإبانة عن هذا المعنى قال:{وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى}[الضحى: ٧]، ولم يقل: وأضلك، وقال في حق من خالف الرسول وكفر بما جاء به:{وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ}، ولم يقل: ووجده الله ضالًّا.
ثم أي توحيد وتمدُّح وتعريف للعباد أن الأمر كله لله وبيده، وأنه ليس لأحد من أمره شيء في مجرد التسمية والعلامة ومصادفة الربّ تعالى عباده كذلك، ووجوده (١) لهم على هذه الصفات من غير أن يكون له فيها صنع، أو خلق، أو مشيئة؟ وهل يعجز البشر عن التسمية والمصادفة والوجود كذلك؟ فأي مدحة وأي ثناء يحسن على الرب تعالى بمجرد ذلك؟
فأنتم وإخوانكم من الجبرية لم تمدحوا الرب بما يستحق أن يُمْدح به، ولم تثنوا عليه بأوصاف كماله، ولم تقدروه حق قدره، وأتباع الرسول وحزبه وخاصته بريئون منكم ومنهم في باطلكم وباطلهم، وهم معكم ومعهم فيما عندكم من الحق، لا يتحيّزون إلى فئة غير الرسول وما جاء به، ولا