للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زعم أنه مُعَظِّم له؛ إذ عطله عن هذه الطاعة العظيمة التي هي من أجل الطاعات، والقربة الشريفة التي هي من أجل القربات، وقال: لستَ من أهل هذه الطاعة، ولا حاجة بك إليها، فلا قَدَر الله حقّ قدره، ولا قَدَر العبد حق قدره، وجعل بعضَ عباده غنيًا عن مغفرة الله وعفوه وتوبته إليه، وزعم أنه لا يحتاج إلى ربه في ذلك.

وفي "الصحيحين" (١) من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لله أشدُّ فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد يئس من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك. أخطأ من شدة الفرح".

وأكمل الخلق أكملهم توبة، وأكثرهم استغفارًا.

وفي "صحيح البخاري" (٢) عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "والله، إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرّة".

ولما سمع أبو هريرة هذا من النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول ــ ما رواه الإمام أحمد في كتاب "الزهد" (٣) ... (٤) عنه ــ: "إني لأستغفر الله في اليوم والليلة اثني عشر


(١) البخاري (٦٣٠٩)، ومسلم (٢٧٤٧) واللفظ له.
(٢) برقم (٦٣٠٧).
(٣) لم أقف عليه في مطبوعة الكتاب، وأورده في "إتحاف الخيرة" (٧٢٣٤)، وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (٤٧٦٢).
(٤) بياض في "د" "ج"، وعلق ناسخ الأخيرة: "بياض في الأصل المنقول عنه".