للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب» (١).

ويقول سبحانه لملائكته: {إِنِّيَ أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٣٠]، ويقول سبحانه لأعلم الأمم ـ وهم أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ـ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهْوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهْوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهْوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢١٦]، ويقول لأهل الكتاب: {أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ} [الإسراء: ٨٥]، وتقول رسله يوم القيامة حين يسألهم: ماذا أجبتم؟ {لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة: ١٠٩]، وهذا هو الأدب المطابق للحق في نفس الأمر؛ فإن علومهم وعلوم الخلائق تضمحلّ وتتلاشى في علمه سبحانه، كما يضمحلّ ضوء السراج الضعيف في عين الشمس.

فمِنْ أظلم الظلم، وأبين الجهل، وأقبح القبيح، وأعظم القِحَة والجراءة: أن يعترض من لا نسبة لعلمه إلى علوم الناس، التي لا نسبة لها إلى علوم الرسل، التي لا نسبة لها إلى علم رب العالمين = عليه، ويقدح في حكمته، ويظن أن الصواب والأولى أن يكون غير ما جرى به قلمُه، وسبق به علمُه، وأن يكون الأمر بخلاف ذلك.

فسبحان الله رب العالمين، تنزيهًا لربوبيته وإلهيته وعظمته وجلاله عما لا يليق به من كل ما نسبه إليه الجاهلون الظالمون، فسبحان الله كلمة يُحاشى اللهُ بها عن كل ما يخالف كماله من سوء ونقص وعيب، فهو المنزّه التنزيه التام من كل وجه، وبكل اعتبار عن كل نقص متوهَّم، وإثبات عموم حمده وكماله وتمامه ينفي ذلك، واتصافه بصفات الإلهية التي لا تكون لغيره،


(١) تقدم تخريجه في (١/ ١١٥)، وقوله: «ويقول في» إلى هنا ساقط من «د».