للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فانقطع الشيخ، ولم يذكر جوابًا (١).

قال نفاة الحكمة: وهذا قاطع في المسألة لا غبار عليه، وقد قال تعالى: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ} [العنكبوت: ٢١]، وقال: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: ٢٨٤]، وقال تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} [الأنبياء: ٢٣]، فردَّ الأمر إلى محض مشيئته، وأخبر أن صدور الأشياء كلها عنها.

وقالوا: وأصل ضلال الخلق هو طلب تعليل أفعال الربّ، كما قال شيخ الإسلام في «تائيته»:

وأصل ضلال الخلق من كل فرقةٍ ... هو الخوض في فعل الإله بعلّةِ (٢)

فإنهم لما طلبوا علّة أفعاله فأعجزهم العلم بها افترقوا بعد ذلك، فطائفة (٣) ردت الأمر إلى الطبيعة والأفلاك، وطائفة التزمت مكابرة الحس (٤) والعقل، وقالوا: إن خلود أهل النار في النار أنفع لهم وأصلح من كونهم في الجنة، وإن إبقاء إبليس يغوي الخلق ويضلهم أنفع لهم من إماتته، وإن إماتة الأنبياء أصلح للأمم من إبقائهم بينهم، وإن تعذيب الأطفال خير لهم من رحمتهم!


(١) انظر: «وفيات الأعيان» (٤/ ٢٦٧)، «منهاج السنة» (٣/ ١٩٨).
(٢) «التائية» (١١١).
(٣) في الأصول: «وطائفة»، والمثبت أليق بالسياق.
(٤) «م»: «الخبر».