للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها الأمم أمة بعد أمة، واهتدى بها من شاء الله، فهلك بها من هلك عن بيّنة، وحَيَّ بها من حَيَّ عن بيّنة، وظهر بها فضل الله وعدله وحكمته وآيات رسله وصدقهم.

فمعارضة الرسل، وكسر حججهم ودحضها، والجواب عنها، وإهلاك الله لهم من أعظم أدلة صدقهم وبراهينه.

ولولا مجيء المشركين بالحَدّ والحديد والعُدد والشوكة يوم بدر؛ لما حصلت تلك الآية العظيمة التي ترتب عليها من الإيمان والهدى والخير ما لم يكن حاصلًا مع عدمها.

وقد بيّنا أن الموقوف على الشيء لا يوجد بدونه، ووجود الملزوم بدون لازمه ممتنع.

فلله كم عَمرتْ قصةُ بدر من رَبْعٍ أصبح آهلًا بالإيمان، وقد فَتَحَتْ لأولي النُّهى من باب وصلوا منه إلى الهدى والإيقان، وكم حصل بها من محبوب للرحمن، وغيظ للشيطان، وتلك المفسدة التي حصلت في ضمنها للكفار مغمورة جدًّا بالنسبة إلى مصالحها وحِكَمها، وهي كمفسدة المطر إذا قَطَعَ المسافر، وبَلّ الثياب، وخرّب بعض البيوت؛ بالنسبة إلى مصلحته العامة.

وتأمّل ما حصل بالطوفان وغرق آل فرعون للأمم من الهدى والإيمان، الذي غمر مفسدة من هلك به، حتى تلاشت في جنب مصلحته وحكمته.

فكم لله من حكمة في آياته التي ابتلى بها أعداءه، وأكرم فيها أولياءه، وكم له فيها من آية وحجة وتبصرة وتذكرة.