للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي جعله إمامًا للناس، وتفريغ القلب لله، وإخلاص النية، وافتتاحها بكلمة جامعةٍ لمعاني العبودية، دالّةٍ على أصول الثناء وفروعه، مُخْرِجةٍ من القلب الالتفاتَ إلى ما سواه (١)، والإقبال على غيره.

فيقوم بقلبه الوقوفُ بين يدي عظيم جليل كبير، أكبر من كل شيء، وأجلّ من كل شيء، وأعظم من كل شيء، تلاشت في كبريائه السماوات وما أظلّت، والأرض وما أَقلّت، والعوالم كلها، عَنَت له الوجوه، وخضعت له الرقاب، وذلّت له الجبابرة، قاهرٌ فوق عباده، ناظرٌ إليهم، عالمٌ بما تُكِنّ صدورهم، يسمع كلامهم، ويرى مكانهم، ولا تخفى عليه خافية من أمرهم.

ثم أخذ في تسبيحه وحمده وذكره تبارك اسمه، وتعالى جدّه، وتفرُّدِه بالإلهية.

ثم أخذ في الثناء عليه بأفضل ما يُثْنَى عليه به من حمده وذكْر ربوبيته للعالَم، وإحسانه إليهم، ورحمته بهم، وتمجيده بالمُلك الأعظم في اليوم الذي لا يكون فيه مَلِك سواه، حين يجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد، ويدينهم بأعمالهم.

ثم إفراده بنوعي التوحيد: توحيدِ ربوبيته استعانةً به، وتوحيدِ إلهيته عبوديةً له.

ثم سؤاله أفضل مسؤول، وأجل مطلوب على الإطلاق، وهو هداية الصراط المستقيم الذي نَصَبه لأنبيائه ورسله وأتباعهم، وجعله صراطًا موصلًا لمن سلكه إليه وإلى جنته، وأنه صراط من اختصّهم بنعمته بأنْ


(١) في متن «د» «م»: «على ما سواه»، والتصويب من حاشية «م».