للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عرفهم الحق، وجعلهم مُتّبعِين له، دون صراط أمة الغضب الذين عرفوا الحق ولم يتبعوه، وأهل الضلال الذين ضلوا عن معرفته واتباعه.

فتضمّنت تعريفَ الربّ، والطريقَ الموصل إليه، والغايةَ بعد الوصول.

وتضمّنت الثناءَ والدعاءَ، وأشرفَ الغايات وهي العبودية، وأقربَ الوسائل إليها وهي الاستعانة، مقدِّمًا فيها الغاية على الوسيلة، والمعبود المستعان على الفعل؛ إيذانًا بالاختصاص، وأن ذلك لا يصلح إلا له سبحانه.

وتضمّنت ذِكْرَ الإلهية والربوبية والرحمة، فيُثْنَى عليه ويُعبد بإلهيته، ويَخْلق ويَرْزق، ويميت ويحيي، ويدبر الملك، ويضلّ من يستحق الإضلال، ويغضب على من يستحق الغضب؛ بربوبيته وحكمته، ويُنْعِم ويَرْحم، ويجود ويعفو ويغفر، ويهدي ويتوب؛ برحمته.

فلله؛ كم في هذه السورة من أنواع المعارف والعلوم والتوحيد وحقائق الإيمان.

ثم يأخذ بعد ذلك في تلاوة ربيع القلوب، وشفاء الصدور، ونور البصائر، وحياة الأرواح، وهو كلام ربّ العالمين، فيحلّ به في ما شاء من روضات مُونِقات، وحدائق مُعْجِبات، زاهية أزهارها، مُونِقة ثمارها، قد ذُلِّلت قطوفها تذليلًا، وسُهِّلت لمتناولها تسهيلًا، فهو يجتني من تلك الثمار خيرًا يُؤمر به، وشرًّا يُنهى عنه، وحكمة وموعظة، وتبصرة وتذكرة وعبرة، وتقريرًا لحق، ودحضًا لباطل، وإزالة لشبهة، وجوابًا عن مسألة، وإيضاحًا لمُشكِل، وترغيبًا في أسبابِ فلاحٍ وسعادة، وتحذيرًا من أسبابِ خسرانٍ وشقاوة، ودعوة إلى هدى، ورَدّ عن ردى، فينزل على القلوب نزول الغيث