للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سلكوا (١) طريق (٢) التعويض على تلك الآلام في حق من يُبعَث للثواب والعقاب.

وقالوا: قد يكون في ذلك إثابة، لإثابتهم (٣) بصبرهم وتألمهم، وإثابة لهم وتعويضًا في القيامة بما نالهم من تلك الآلام، فلما أُورِد عليهم إيلامُ الحيوانات التي لا تُثاب ولا تعاقب ... (٤).

وأما المثبتون لحقائق أسماء الربّ وصفاته وحكمته التي هي وصفه، ولأجلها تسمَّى بالحكيم، وعنها صدر خلقه وأمره= فهم أعلم الفرق بهذا الشأن، ومسلكهم فيه أصح المسالك، وأسلم من التناقض والاضطراب؛ فإنهم جمعوا بين إثبات القدرة والمشيئة العامة والحكمة الشاملة التي هي غاية الفعل، وربطوا ذلك بالأسماء والصفات، فتصادق عندهم السمع والعقل والشرع والفطرة، وعلموا أن ذلك مقتضى الحكمة البالغة، وأنه من لوازمها، وأن لازم الحق حق، ولازم العدل عدل، ولوازم الحكمة من الحكمة.

فاعلم أن ههنا أمرين: نفسًا متحركة بالإرادة والاختيار، وطبيعةً متحركة بغير الاختيار والإرادة، وأن الشر منشؤه من هذين المتحركين، وعن هاتين الحركتين، وخُلِقت هذه النفس وهذه الطبيعة على هذا الوجه، فهذه تتحرك


(١) كذا في «د» «م»: «سلكوا»، والجادة: «فسلكوا» بدخول الفاء على جواب «أما».
(٢) «د»: «طريقة».
(٣) مهملة في «د» «م»، والقراءة محتملة.
(٤) بياض في «د» «م»، وعلق في حاشية «م»: «في أصل المصنف بياض بعد: لا تثاب ولا تعاقب».