للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها، فأين فيها ما يدل على عدم فنائها؟

الطريق الثاني: دعوى الإجماع على ذلك، وقد ذكرنا من أقوال الصحابة والتابعين ما يدل على أن الأمر بخلاف ما قالوا، حتى لقد ادُّعِي إجماع الصحابة من هذا الجانب استنادًا إلى تلك النقول التي لا يُعْلم عنهم خلافُها.

الطريق الثالث: إنه كالمعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الجنة والنار لا تفنيان، بل هما باقيتان، ولهذا أنكر أهل السنة كلهم على أبي الهُذَيل وجَهْم وشيعتهما ممن قال بفناء الجنة والنار، وعدوا أقوالهم من أقوال أهل البدع المخالفة لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا ريب أن هذا من أقوال أهل البدع (١) التي خرجوا بها عن السنة.

ولكن من أين تصح دعوى العلم النظري أن النار باقية ببقاء الله، دائمة بدوامه؟ فضلًا عن العلم الضروري، فأين في الأدلة الشرعية أو العقلية دليل واحد يقتضي ذلك؟

الطريق الرابع: أن السنة المستفيضة أو المتواترة أخبرت بخروج أهل التوحيد من النار دون الكفار، وهذا معلوم من السنة قطعًا، وهذا الذي قالوه حق لا ريب فيه، ولكن أهل التوحيد خرجوا منها وهي باقية لم تفنَ ولم تعدم، والكفار لا يحصل لهم ذلك، بل هم باقون فيها ما بقيت.

الطريق الخامس: أن العقل يدل على خلود الكفار فيها، وعدم خروجهم منها، فإن نفوسهم غير قابلة للخير، فإنهم لو خرجوا منها لعادوا كفارًا كما كانوا، وقد أشار تعالى إلى ذلك بقوله: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام:


(١) من قوله: «المخالفة لما جاء» إلى هنا ساقط من «م».