للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على هذه الأوصاف أكره إليه من الأثر الذي يترتب على الأوصاف (١) الموافقة لأسمائه وصفاته، ولكن يريده سبحانه لاستلزامه ما يحبه ويرضاه، فهو مراد له إرادة اللوازم المقصودة لغيرها، إذ هي مفضية إلى ما يُحب، فإذا حصل بها ما يحبّه، وأدت إلى الغاية المقصودة له سبحانه؛ لم تبق مقصودة لا لنفسها ولا لغيرها، فتزول وتخلفها أضدادها التي هي أحب إليه سبحانه منها، وهي موجَب أسمائه وصفاته.

فإن فهمتَ سرّ هذا الوجه وإلا فجاوزه إلى ما قبله، ولا تعجل بإنكاره.

هذا، وسرّ المسألة أنه سبحانه حكيم رحيم إنما يخلق بحكمة ورحمة، فإذا عَذّب من يعذبه بحكمة كان هذا جاريًا على مقتضاها، كما يوجد في الدنيا من العقوبات الشرعية والقدرية، إذ فيها (٢) من التهذيب والتأديب والزجر والرحمة واللطف ما يزكّي النفوس ويطيبها ويمحّصها ويخلّصها من شرها وخبثها.

والنفوس الشريرة الظالمة التي لو رُدَّت إلى الدنيا قبل العذاب لعادت لما نُهِيت عنه لا يصلح أن تسكن دار السلام التي تنافي الكذب والشرّ والظلم، فإذا عُذِّبت هذه النفوس بالنار عذابًا يخلّصها من ذلك الشر، ويُخرِج خبثها؛ كان هذا معقولًا في الحكمة، كما يوجد في عذاب الدنيا.

وخَلْق مَنْ فيه شر يزول بالتعذيب من تمام الحكمة.

أما خَلْق نفوس شرّيرة لا يزول شرّها البتّة، وإنما خُلِقت للشر المحض،


(١) من قوله: «فلابد أن يكون» إلى هنا ساقط من «د».
(٢) «إذ فيها» من «م».