للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موجَب ذلك الغضب، فإذا رضي الرب تبارك وتعالى وزال ذلك الغضب زال موجَبه.

وهذا كما أن عقوبات الدنيا العامة وبلاؤها آثار غضبه، فإذا استمر غضبه استمر ذلك البلاء، فإذا رضي وزال غضبه زال البلاء، وخَلَفتْه الرحمة.

الخامس عشر: أنّ رضاه أحبُّ إليه من غضبه، وعفوَهُ أحبُّ إليه من عقوبته، ورحمتَهُ أحبُّ إليه من عذابه، وعطاءَهُ أحبُّ إليه من منعه، وإنما يقع الغضب والعقوبة والمنع بأسباب تناقض موجَب تلك الصفات والأسماء.

وهو سبحانه كما يحب أسماءه وصفاته فإنه يحب آثارها وموجبَها، كما في الحديث: «إنه وتر يحب الوتر» (١)، «جميل يحب الجمال» (٢)، «نظيف يحب النظافة» (٣)، «عفو يحب العفو» (٤)، وهو شكور يحب الشاكرين، عليم يحب العالِمين، جواد يحب أهل الجود، حَيِيّ سِتِّير يحب أهل الحياء والستر، صبور يحب الصابرين، رحيم يحب الرحماء.

فهو يكره ما يضاد ذلك، ولذلك كره الكفر والفسوق والعصيان والظلم والجهل؛ لمضادة هذه الأوصاف لأوصاف كماله، فلا بدّ أن يكون المترتب


(١) جزء من حديث أخرجه البخاري (٦٤١٠)، ومسلم (٢٦٧٧) من حديث أبي هريرة.
(٢) جزء من حديث أخرجه مسلم (٩١) من حديث عبد الله بن مسعود.
(٣) جزء من حديث أخرجه الترمذي (٢٧٩٩)، وأبو يعلى (٧٩٠) من حديث سعد بن أبي وقاص، قال الترمذي: «هذا حديث غريب، وخالد بن إلياس يُضعّف»، وانظر: «الكامل» لابن عدي (٤/ ٢٣٩).
(٤) هو بهذا اللفظ عند أحمد (٣٩٧٧) وغيره بإسناد ليّن، ويشهد له حديث عائشة الصحيح في دعاء ليلة القدر عند الترمذي (٣٥٣١) وغيره.