للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: ١٨٩ - ١٩٠]، فهذا استطراد من ذِكْر الأبوين إلى ذِكْر الذرّية.

ومن الاستطراد قوله: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ (١) وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [الملك: ٥]، فالتي جُعِلتْ رجومًا ليست هي التي زُيِّنتْ بها السماء، ولكن استطرد من ذكر النوع إلى نوع آخر، وأعاد ضمير الثاني على الأول؛ لدخولهما تحت جنس واحد.

فهكذا قوله: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعراف: ١٥٦]، فالمكتوب للذين يتقون نوع خاص من الرحمة الواسعة.

والمقصود أن الرحمة لابد أن تسع أهلَ النار، ولابد أن تنتهي حيث ينتهي العلم، كما قالت الملائكة: {كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ} [غافر: ٧].

الرابع عشر: أنه قد صَحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة قول أولي العزم: «إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله» (٢)، وهذا صريح في أن ذلك الغضب العظيم لا يدوم، ومعلوم أن أهل النار إنما دخلوها بذلك الغضب، فلو دام ذلك الغضب لدام عذابهم؛ إذ هو


(١) «د» «م»: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ [الدُّنْيَا] بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصافات:٦]، وهو سهو من المؤلف فيما يظهر جمع فيه بين آيتي الصافات والملك، بدلالة إشارته إلى عود الضمير الثاني، وهذا ينطبق على آية الملك فحسب.
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ٢٦٣).