للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول: أنا وإنْ عصيتُ أمرَه فقد أطعتُ إرادتَه ومشيئتَه.

ويقول: العارف لا يُنْكِر منكرًا؛ لاستبصاره بسِرِّ الله في القدر.

فخارج عما عليه الرسل قاطبة، وليس هو من أتباعهم.

وإنما حكى الله سبحانه الاحتجاج بالقدر عن المشركين أعداء الرسل، فقال تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ (١) الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (١٤٨) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: ١٤٨ - ١٤٩]. وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النحل: ٣٥]، وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [يس: ٤٧]، وقال تعالى: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الزخرف: ٢٠].

فهذه أربع مواضع (٢) حكى فيها الاحتجاج بالقدر عن أعدائه، وشيخهم وإمامهم في ذلك عدو الله (٣) الأحقر إبليس، حيث احتجَّ عليه بقضائه فقال:


(١) "د" "م": "فعل"، وصححها في هامش "م".
(٢) كذا في "د" "م": "أربع مواضع"، ومثله في "عدة الصابرين" (١٣٤)، والوجه: "أربعة مواضع".
(٣) "م": "عدوه".