للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد عُلِم أن أهل الذمة كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، ووادي القرى، وخيبر، ونجران، واليمن، وغير ذلك، وكان فيهم من يموت وله ولد صغير، ولم يحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسلام [يتامى] (١) أهل الذمة ولا خلفاؤه.

وأهل الذمة كانوا في زمانهم طَبَقَ الأرض بالشام، ومصر، والعراق وخراسان، وفيهم من يتاماهم عدد كثير، ولم يحكموا بإسلام واحد منهم؛ فإنّ عَقْد الذمّة اقتضى أن يتولّى بعضهم بعضًا، فهم يتولّون حضانة يتاماهم، كما كان الأبوان يتولون تربيتهم.

وأحمد يقول: إن الذمّي إذا مات ورثه ابنه الطفل، مع قوله في إحدى الروايات: إنه يصير مسلمًا؛ لأن أهل الذمّة ما زال أولادهم يرثونهم؛ لأن الإسلام حصل مع استحقاق الإرث، لم يحصل قبله، ونَصّ على أنه إذا مات الذمّي عن حَمْل منه لم يرثه؛ للحكم بإسلامه قبل وضعه، وكذلك لو كان الحمل من غيره، كما إذا مات وخلّف امرأة ابنه أو أخيه حاملًا فأسلمت أمه قبل وضعه؛ لم يرثه؛ لأنا حكمنا بإسلامه من حين أسلمت أمه، وكذلك هناك حكمنا بإسلامه من حين مات أبوه.

وقد وافق الإمام أحمد الجمهورَ على أن الطفل إذا مات أبواه في دار الحرب لا يُحكم بإسلامه، ولو كان موت الأبوين يجعله مسلمًا بحكم الفطرة الأولى لم يفترق الحال بين دار الحرب ودار الإسلام؛ لوجود المقتضِي للإسلام وهو الفطرة، وعدم المانع وهو الأبوان.

وقد التزم بعض أصحابه الحكمَ بإسلامه، وهو باطل قطعًا؛ إذ من


(١) زيادة لازمة لإقامة المعنى من مصدر القول.