للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقبول، فلابدّ من الإيجاد والإعداد والإمداد، فإذا استحال وجود القبول من غير إيجاد المحل استحال وجوده من غير إعداده وإمداده، والخلّاق العليم سبحانه هو الموجِد المُعِدّ المُمِدّ.

الوجه العاشر: أنه من المعلوم أن النفس لا توجب بنفسها لنفسها حصول العلم والإرادة، بل لابدّ فيها من قوة تقبل بها ذلك، لا تكون هي المعطية لتلك القوة، وتلك القوة لا تتوقف على أخرى، وإلا لزم التسلسل الممتنع أو الدور الممتنع، وكلاهما ممتنع، فهنا ثلاثة أمور:

أحدها: وجود قوة قابلة.

الثاني: أن تلك القوة ليست هي المعطية لها.

الثالث: أن تلك القوة لا تتوقف على قوة أخرى.

فحينئذ لزم أن يكون فاطرها وبارئها قد فطرها على تلك القوة، وأعدّها بها لقبول ما خُلِقت له، وقد عُلِم بالضرورة أن نسبة ذلك إليها وضده ليسا على السواء.

الوجه الحادي عشر: أنا لو فرضنا توقّف هذه المعرفة والمحبة على سبب من خارج، أليس عند حصول ذلك السبب يوجد في الفطرة ترجيح ذلك ومحبته على ضده؟ فهذا الترجيح والمحبة والإيثار أمر مركوز في الفطرة.

الوجه الثاني عشر: أنا لو فرضنا أنه لم يحصل المُفْسِد الخارج، ولا المُصْلِح الخارج؛ لكانت الفطرة مقتضية لإرادة المُصْلِح وإيثاره على ما سواه، وإذا كان المقتضي موجودًا والمانع مفقودًا وجب حصول الأثر؛ فإنه