للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يتخلف إلا لعدم مقتضيه أو لوجود مانعه، فإذا كان المانع زائلًا حصل الأثر بالمقتضي السالم عن المعارض المقاوم.

الوجه الثالث عشر: أن السبب الذي في الفطرة لمعرفة الله ومحبته والإخلاص له إما أن يكون مستلزمًا لذلك، وإما أن يكون مقتضيًا بدون استلزام، إذ (١) يستحيل أن لا يكون له أثر البتّة، وعلى التقديرين يترتب أثره عليه: إما وحده على التقدير الأول، وإما بانضمام أمر آخر إليه على التقدير الثاني.

الوجه الرابع عشر: أن النفس الناطقة لا تخلو عن الشعور والإرادة، بل هذا الخلو (٢) ممتنع فيها؛ فإن الشعور والإرادة من لوازم حقيقتها، فلا يُتصوّر أن تكون إلا شاعرة مريدة، ولا يجوز أن يقال: إنها قد تخلو في حق خالقها وفاطرها عن الشعور بوجوده وعن محبته وإرادته، فلا يكون إقرارها به ومحبته من لوازم ذاتها، هذا باطل قطعًا؛ فإن النفس لها مطلوب مراد بضرورة فطرتها، وكونها مريدة هو من لوازم ذاتها؛ فإنها حية، وكل حي شاعر متحرّك بالإرادة.

وإذا كان كذلك فلا بدّ لكل مريد من مراد، والمراد إما أن يكون مرادًا لنفسه أو لغيره، والمراد لغيره لا بدّ أن ينتهي إلى مراد لنفسه؛ قَطْعًا للتسلسل في العلل الغائية، فإنه محال، كالتسلسل في العلل الفاعلة.

وإذا كان لابدّ للإنسان من مراد لنفسه فهو الله الذي لا إله إلا هو، الذي


(١) «د»: «أو» تحريف يخرج الجملة عن مقصودها، والمثبت أوفق بالمعنى.
(٢) «د»: «الخلق» تحريف، والتصحيح من «درء التعارض» (٨/ ٤٦٤).